بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدا عبده رسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، إن الواقع الذي نعيش فيه الآن هو أمر يحتاج إلى سياسات جديدة لا إلى حروب جديدة، يجب أن يسود العقل والمنطق والنظام، لا بد من تجاوز العواطف وردود الأفعال من أجل قرارات حكيمة، لا ينبغي أن تبنى السياسات الدولية على الثأر والإنتقام فذلكم مصيدة مخيفة، وشراك مميتة، في عالم متقدم يسوده النظام والقانون، وحذاري أن يدفع الإرهابيون عقلاء الأمم ليفكروا بالطريقة الإرهابية نفسها، وهى تلك الطريقة الحمقاء، التي تعتمد على الكراهية والتمييز والإنتقاء، وحذاري من تسميم العقول، وتسميم الخطاب، وتسميم التفكير، فيا عقلاء العالم إن الفرق كبير بين تحرّي العدل والعدالة.
وطغيان عقلية الثأر والإنفعالية، والبون واسع بين الرؤية الشمولية السالمة من الإنتقائية والإنحيازية، وبين إعتماد حلول عاجلة باطشة، وهي أشبه بالمسكنات الآنية، ولكنها ربما تضاعف من ظاهرة الإرهاب، وتزيد من شراستها، وتغلغلها، والحذر من الوقوع في فخ الإرهاب حين علاج الإرهاب، ويجب أن تصدر الأحكام بأناة وهدوء، وتحر وتعقل، فلا تلقى باللائمة إلا في مكانها، وإذا لم يحافظ العقلاء وأصحاب القرار على جوهر الأخلاق في أيام المحن والأزمات فقد تتحول محاربة الإرهاب إلى إرهاب، ويقرن ذلك قرآنه بحق الله تعالي في إخلاص التوحيد، والخلوص من الشرك فيقول الله تعالى فى سورة الفرقان “والذين لا يدعون مع الله إلها ءاخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق” ويقول أيضا سبحانه وتعالى فى سورة المائده “من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا”
وقد قال الشيخ محمد سيد طنطاوي رحمه الله ” إن الفرق بين الجهاد في الشريعة الإسلامية وبين الإرهاب واضح كالفرق بين السماء والأرض، موضحا أن الشريعة الإسلامية تحض على الجهاد وتدعو إليه لأنه شُرع لأمرين هامين وهما الدفاع عن الدين والمقدسات والنفس والوطن والعرض والمال وكل ما أمرنا الله تعالى بالدفاع عنه، ولنصرة المظلوم ” أما الإرهاب فهو ما ترفضه وتمنعه الشريعة الإسلامية لأنه يروع المدنيين الأبرياء الآمنين دون أي ذنب، وبالطبع الإسلام يرفض كل أشكال الإعتداء على النفس الآمنة البريئة ويرى أن من يعتدي على نفس واحدة ويقتلها فكأنما قتل الناس جميعا، وقال أيضا ” إن الأديان والحضارات تتعاون وتتحاور فيما بينها عند العقلاء، ولا تتصارع كما يقول الأغبياء، فالمسلمون لا يؤمنون مطلقا بالنظرية الفاسدة.
وهى التي لا تهدف إلا للخراب والتصادم والتدمير ونشر الشر، فالحوار بين الأديان والحضارات لا يأتي إلا بالخير والنفع للبشرية لأن التعايش والتحاور، والتعارف بين الأمم من حكم الله تعالى، كما قال تعالى فى كتابه الكريم “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير” فالله سبحانه وتعالى، لم يقل هنا يا أيها المؤمنون وإنما قال يا أيها الناس فالنداء هنا عام لكل البشر، وعندما كان المسلمون يعيشون في مكة كانوا يتعرضون للتنكيل والتعذيب من كفار قريش بسبب إيمانهم وإعتقادهم، وإستمر هذا لمدة ثلاثة عشر عاما منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث تعرض فيه المسلمون إلى شتى أنواع التعذيب والظلم، فكان المسلمون يتعرضون للتعذيب والحرق والإغراق والقتل أحيانان.
وعلى الجانب الإقتصادي كان الظلم عن طريق مصادرة المال دون وجه حق وإغتصابه بالقوة، والطرد من الديار، هذا بخلاف ظلم النفس بالسب والقذف وتشويه السمعة، وسلب الحرية بالحبس والعزل عن المجتمع.