جمال المرزوقي عاشق الفلسفة الإسلامية والتصوف


د. محمود محمد علي

فوجئت علي الفيسبوك في صفحة أستاذنا الدكتور مجدي الجزيري خبر موت الأستاذ الدكتور جمال المرزوقي ، وحزنت حزنا شديدا ، لأنه أعرفه عن كثيب ، فهو واحد من الأكاديميين المتخصصين في الفلسفة الإسلامية والتصوف ، ولهذا أقول أن ترحل قامة علمية مثل الدكتور” جمال المرزوقي ” ، دون كلمة رثاء فى الإعلام المصري والعربي، فتلك علامة من علامات التردي، ودليل من أدلة الرداءة والعشوائية، فهذا الرجل كان من أولئك الرجال الذين يعيشون وفق ما يكتبون ، ويظهرون ما يضمرون ، ويعلمون بما يؤمنون، ولذلك أقول أي الكلمات لديها القدرة أن ترثى مفكراً وكاتباً بالغ الصدق والنبل والنقاء مثل جمال المرزوقي ؟! أي الكلمات لديها القدرة ؟!، فالذين يتسمون بالصدق والنبل في مهنة الفلسفة قليلون، وقد ازدادوا برحيله قلة!.. لا أظن أنه من قبيل المبالغة أن أقول إنه من أكثر الذين قدر لي أن أعرفهم من أستاذة الفلسفة بعداً عن المداهنة أو المتاجرة بالمهنة لحساب أي سلطة من السلطات بما في ذلك سلطة الرأي العام ذاته الذى كثيراً ما يغازله بعض الكتاب على حساب الحقيقة الموضوعية!.
ولذلك أقول أي الكلمات لديها القدرة أن ترثى عالماً ومفكراً بالغ الصدق والنبل والنقاء، مثل جمال المرزوقي ؟! أي الكلمات لديها القدرة ؟!، فالذين يتسمون بالصدق والنبل في مهنة المكتبات والمعلومات قليلون، وقد ازدادوا برحيله قلة!.. لا أظن أنه من قبيل المبالغة أن أقول إنه من أكثر الذين قدر لي أن أعرفهم من أساتذة الفلسفة الإسلامية والتصوف علي مستوي أساتذة الجامعة بلا مبالغة بعداً عن المداهنة أو المتاجرة بالمهنة لحساب أي سلطة من السلطات بما في ذلك سلطة الرأي العام ذاته الذى كثيراً ما يغازله بعض الكتاب على حساب الحقيقة الموضوعية!.
لقد كان الدكتور جمال المرزوقي عاشقا للفلسفة الإسلامية والتصوف بكل ما تحمله كلمة العشق من معان نبيلة وقيم خالدة ، وخاصة في وقت كثر فيه أشباه الأساتذة المثقفين ، لم يتردد في الدفاع عن القيم الإسلامية الكبرى ، كتب عن الإسلام ، ديننا الحنيف مئات الصفحات ، كان حريضا علي إبراز الدور الرائد والحيوي والذي قام به مفكرو الإسلام في الماضي والحاضر ، أدرك بثاقب نظره وذكائه الحاد العديد من الدروس التي يمكن استخلاصها من مبادئ الدين الإسلامي ،ومن أفكار مفكري الإسلام والذين آمنوا بربهم وآمنوا بوطنهم وكانوا كالشعلة أو المنارة التي تضئ لنا الطريق في كل زمان وكل مكان
والدكتور جمال المرزوقي أستاذ الفلسفة الإسلامية والتصوف بكلية الآداب – جامعة عين شمس ، حصل على ليسانس الفلسفة من جامعة القاهرة ، عام 1973 ، وحصل درجة الماجستير في الآداب –جامعة القاهرة في قسم الفلسفة – فرع الفلسفة الإسلامية عام 1979 ، وكان موضوع رسالته الوجود والعدم في فلسفة ابن عربي الصوفية ، وحصل على الدكتوراه في التصوف 1986 وكان وضوع رسالته ” محمد بن الجبار النفري وتصوفه”، وحصل على جائزة البحوث الممتازة عام 1996 من جامعة عين شمس في موضوع بعنوان ” النزعتان الشيعية والسلفية في تصوف محمد أحمد السوداني ، وعمل قائم بعمل قسم الفلسفة بجامعة عين شمس، ثم رائد للجنة الثقافية العليا بجامعة عين شمس ، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه ، وشارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المرتبطة بالأحداث الحالية.
له كتابات كثيرة نذكر منها بحثه عن الإرهاب وسلبياته على المجتمع ، وعروبة القدس، والتجربة الصوفية بين الفن والأدب ، فلسفة الأخلاق في القرآن ، كما أن له كتابات مهمة ونذكر منها : علم الكلام والفلسفة الإسلامية ، الفكر الشرقي القديم ، دراسات نقدية في الفكر الإسلامي المعاصر ، الفلسفة الإسلامية بين الندية والتبعية.. الخ.
وفي النهاية فإن الكلمات لا تستطيع أن توفي هذا الأستاذ الاكاديمي حقه، صحيح أن هذه الكلمات جاءت متأخرة فكثير ممن يطلقون علي أنفسهم لقب أساتذة لا يعرفون قدر هذا الأستاذ الاكاديمي، فتحية طيبة للدكتور جمال المرزوقي الذي كان وما زال يمثل لنا نموذجاً فذاً للمفكر الموسوعي الذي يعرف كيف يتعامل مع العالم المحيط به ويسايره في تطوره، وهذا النموذج هو ما نفتقده بشدة في هذه الأيام التي يحاول الكثيرون فيها أن يثبتوا إخلاصهم لوطنهم بالانغلاق والتزمت وكراهية الحياة، وإغماض العين عن كل ما في العالم من تنوع وتعدد وثراء.
رحم الله الدكتور جمال المرزوقي ، الذي صدق فيه قول الشاعر: رحلتَ بجسمِكَ لكنْ ستبقى.. شديدَ الحضورِ بكلِّ البهاءِ.. وتبقى ابتسامةَ وجهٍ صَبوحٍ.. وصوتًا لحُرٍّ عديمَ الفناءِ.. وتبقى حروفُكَ نورًا ونارًا.. بوهْجِ الشّموسِ بغيرِ انطفاءِ.. فنمْ يا صديقي قريرًا فخورًا .. بما قد لقيتَ مِنَ الاحتفاء.. وداعًا مفيدُ وليتً المنايا.. تخَطتْكَ حتى يُحَمَّ قضائي.. فلو مِتُّ قبلكَ كنتُ سأزهو.. لأنّ المفيدَ يقولُ رثائي.
د. محمود محمد علي
أستاذ الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.