بقلم / محمـــد الدكـــروري
الخميس الموافق 17 أكتوبر 2024
الحمد لله، وكفى وسمع الله لمن دعا، وبعد، فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واعلموا أن في الدين عصمة أمركم، وحسن عاقبتكم أما بعد إن الجانب الإنساني في حياة النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم الزوجية العاطفية، فهو جانب مشرق، يوحي بكمال إنسانيته صلى الله عليه وسلم، ولقد ضرب أمثلة رائعة من خلال حياته الزوجية فهو الزوج المثالي، والأب المثالي، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يظهر حبه لزوجاته، فتجده عند الشرب والأكل يتحبب إليهن ويظهر حبه لهن، فيشرب من موضعِ في إحداهن، كما في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت كنت أشرب من الإناء وأنا حائض، ثم أُناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاهُ على موضع فيّ” وكان صلى الله عليه وسلم يخرج مع إحداهن ليلا للتنزه والحديث.
وهذا أمر يجلب المحبة والمودة بين الزوجين، وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج أقرع بين نسائه، فطارت القرعة على عائشة وحفصة، فخرجتا معه جميعا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان بالليل سار مع السيدة عائشة رضي الله عنها يتحدث معها، وكان صلى الله عليه وسلم يسامر زوجاته ويحادثهن ويضحك من كلامهن، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله، أرأيت لو نزلت واديا وفيه شجرة أُكل منها، ووجدت شجرا لم يؤكل منها، في أيها كنت ترتع بعيرك؟ قال في التي لم يرتع فيها” تعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرا غيرها” رواه البخاري،وتتجلى معاني الإنسانية في مساعدته صلى الله عليه وسلم لزوجاته في شؤون المنزل.
فعن الأسود قال قلت لعائشة ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله؟ قالت كان في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة” وروي عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم أنه دخل عليها وعندها فلانة وهي امرأة فذكرت من صلاتها، فقال “مه عليكم بما تطيقون، فوالله لا يملّ الله عز وجل حتى تملوا، إن أحب الدين إلى الله ما داوم عليه صاحبه” وكما روري عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” يسّروا ولا تعسّروا، وبشّروا ولا تنفروا” وفي رواية ” وسكّنوا ولا تنفروا” وتتجلى إنسانيته في إختياره الأيسر والأسهل ما لم يكن إثما فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ما خُيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا إختار أيسرهما، ما لم يكن إثما.
فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما إنتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في أمر ينتهك منه، إلا أن تنتهك لله عز وجل حرمة، فينتقم لله عز وجل” وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسي لأمته مبدأ اليسر والسهولة الذي يتماشى مع إنسانية المسلم، فعندما رأى حبلا ممدودا أمر بحله، وأمر أمّته ألا تتكلف من العمل إلا ما تطيق، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال “ما هذا الحبل؟” قالوا هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” لا، حلُّوه ليصلي أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد” وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها.
فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم أما أنا، فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر أنا أصوم الدهر ولا أُفطر، وقال آخر أنا أعتزل النساء، فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال “أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله، إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأُفطر، وأُصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني” رواه البخاري ومسلم.