بقلم / محمـــد الدكـــروري
يعيش الإنسان في هذه الحياة وهو يحمل بقلبة هوية معينة تنتمي لفئة معينة، وتزيد معرفة الشخص لهويته من احترامه وفهمه لذاته، ولا تعد هوية الفرد ثابتة حيث تتغير وتتطور مع الزمن، وبعض الباحثين عرّفها بأنها هى مجموعة العقائد والمبادئ والخصائص التي تجعل أمة ما تشعر بمغايرتها للأمم الأخرى ولهذا كانت أمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس كما قال تعالى فى سورة آل عمران ” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون” وخيرية هذه الأمة نابعة من استقلاليتها التشريعية والعقائدية والسلوكية عن غيرها من الأمم الأخرى، وإنه ليس من القول بأن هنالك من يريد إيقاع الهوية الإسلامية في الذوبان بالكافر الذي يسمونه الآخر.
إلا أن الهوية الإسلامية كمفهوم عقائدي وكأمة مسلمة معصومة من الذوبان، فإنها لن تقع في خطر الذوبان أو الانمحاق في الهويات الأخرى على وجه مطلق، فالله تعالى يقول فى سورة التوبة ” هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين ولو كرة المشركون” وقد تضعف الهوية الإسلامية لدى بعض المجتمعات دون بعضها الآخر، ولكن أن تذوب الهوية فهذا لا ولم ولن يكون، لأن هذا الدين محفوظ بحفظ الله وقد تكفل الله به، فهنالك متربصون يتربصون بهويتنا الإسلامية وأمتنا الدوائر كما قال تعالى فى سورة البقرة ” ود كثير من أهل الكتاب لو يردوكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم” وهنالك تقارير معاصرة صدرت يتضح منها تمام الوضوح.
أن أعداء الإسلام يريدون محق الهوية الإسلامية الصحيحة وإزالتها، فقد كانت الهوية في الأصل قضية فلسفية ومنطقية غرسها العالم فرويد في علم النفس، وطوّرها العالم إريكسون الذي بيّن أن الهوية ليست فردية فحسب، بل هي قضية جماعية واجتماعية، تشمل الاختلافات والشعور بالانتماء بين الأشخاص والمجموعات وكما يُعرف تكوين الهوية وفقا لعلماء النفس بأنه العثور على الذات وفهمها من خلال مطابقة مواهب وقدرات الفرد مع الأدوار الاجتماعية المتاحة، ولذلك يُعد تعريف الفرد لذاته خيارا غاية في الصعوبة نظرا لاتساع العالم الاجتماعي من حوله، ولكن يمكن ذلك باكتشاف وتطوير مهارات الفرد الشخصية، ويمكن ذلك من خلال عملية التجربة والخطأ.
ويتطلب تطوير هذه المهارات واكتشافها وقتا وجهدا وصبرا لمواجهة العقبات والإحباط الذي يمكن التعرض له أثناء ذلك، وكذلك معرفة الحاجة والهدف من الحياة شرط أن تكون هذه الأهداف متوافقة مع المواهب والمهارات، لكي يتجنب المرء الإحباط والشعور بالفشل، وأيضا خلق الفرص المناسبة لتجربة المهارات والأهداف، ولقد كان سعي الأعداء لطمس معالم هويتنا الدينية، ذات الصبغة المتميزة عن سائر الهويات، في مخبرها ومظهرها، والتي تغرس في نفس المسلم روح الاعتزاز والتأبّي على الظلم والاحتلال هو الهدف الأهم، والغرض الذي يرون في تحقيقه نيل مرادهم، وإطفاء غيظ صدورهم، ولكي يحققوا هدفهم كان عليهم أن يعدوا خطة ذات اتجاهات متعددة، إلا أنها تسير في خطوات منسجمة مع بعضها البعض.