ثقافة الإستغناء وفن التخلي

بقلم : سندس النجار

 

التملك .. التخلي … الإكتفاء .. الاقتناء .. الإستغناء ..الإحتياجات .. الرغبات ..

كل هذه المفاهيم تشكل فوبيا الشراء والتملك الذي يمارسها الشرق بشكل جنوني وغباء واضح ..
الإستغناء بمفهومه العلمي

يعني ترويض النفس باتباع نهج اللامبالاة ازاء الأشياء التي لا املكها ، سواءً كان سبب عدم الامتلاك ، عدم مقدرتي عليها او امتلكها فعلا لكنها تضرني وتؤذيني ..
لو لاحظنا أغنياء العالم عادة يظهرون بملابس بسيطة ويسكنون منازل متواضعة ويقتنون موبايلات عادية ، لانهم يدركون ، أن الشخص هو من يمنح القيمة لمكانته وليس المكان من يمنح القيمة لصاحبه ..
وقيل ، ان العلامات التجارية المرتفعة الثمن ، لم تصنع للاغنياء ، وانما صُنعت لمن يريد ان (( يبدو كالاغنياء )) وهو فارغ ..

الجدير بالتوضيح ، أن للإنسان الشرقي ( فوبيا التسوق ) ، التي تتفنن في صنعه البلدان
المتقدمة ويمارسه المستهلك الشرقي بشراهة وغباء إقتصادي ، كان تعرض سلعة معينة ( ثلاث قطع ) بسعر معين ، فيشتريها وهو لا يحتاج إلا لواحدة . فبهذا تكون قد أثرت على ميزانيتك للحصول على عرض مغرٍ لم تستفد أنت منه وانما استغلت تلك الشركات بساطة تفكيرك في أشياء زائدة عن احتياجاتك . ..
الحقيقة ان فكرة الإستغناء ، لا تمثل الانهزامية ، وانما تعد تجسيدا حيا لفكرة الارتقاء فوق ماهو غير ضروري ، اي لندع الاحتياجات تقودنا وليس الرغبات ، فالرغبات تقودنا للهاوية والاحتياجات ترتقي بنا للعلى .

فن التخلي والاستغناء ..

نقصد بفن التخلي والاستغناء :
– ان تتخلى عن الماضي ولا تتشبث به
دون جدوى فتؤذي نفسك ..
– ان تتخلى عن أشخاص متعلق بهم ، لا تقطف منهم سوى الألم وفقدان وقتك الثمين ..
– أن تتخلى عن أحلام لا ولن تملكها ..
– أن تتخلى عن العادات التي تتحكم بك ، منها الموبايل ، وإياك أن تدمنها فتعيق حركتك عن التقدم ..
– أن تتخلى عن الروتين ا والكسل الذي يجعلك آلة وليس إنسانا فتسقط والكل يدهسك ..

جنون الشراء في المناسبات ..

نلاحظ غالبية الناس عند حلول مناسبة او عيد أو رمضان ، تتحول البيوت إلى حالة من ( الاستنزاف المادي الغير محدود ) . فنجد خانات الكماليات قد تحولت إلى خانات الضروريات ، وهو الأمر الذي يسعى إلى تحقيقه كل القائمين على سلوك الشراء وتحويله إلى سلوك جنوني لا سلطان عليه ، مع إنه ليس مقرونا بحاجة ماسة …

نلاحظ بعض الصيام وليس الكل ، في بلاد الغرب يتعلمون سياسة التواضع بحكم الدخل المحدود ، والتاثر بسلوك الغرب ، فهو يستغني عن تحكم الأشياء به مكتفيا بالقليل الضروري عن الكثير الفائض المبعثر ..
والجدير بالذكر ، أن كل القيم الدينية والدنيوية دعت للحكمة والتوازن في الاستهلاك من منطلق عبادة الزهد والتجلي ، والحفاظ على النعمة والاستغناء عن بعضها لمن هم أقل منه نصيبا من العوز والفقراء فيرحمك الله في الدنيا وما بعدها …
ففي الوقت الذي نلاحظ عربة التسوق المجنونة لدى الشرقي تمتلئ بالاكياس والاصناف والمخبوزات واللحوم ووووو ، نلاحظ عربة الغربي تكتفي ببضعة ثمار من الفاكهة والخضار الصحية الطازجة وباقة ورد يقدمها لافراد عائلته او حبيبته قد ترطب مشاعرهم ومزاجهم اليومي ..
ذلك هو ، سبب النظرة الاستهزائية التي تجعل الغرب ينظرها لنا ، أي جنوننا في الشراء وعاداتنا الغذائية الغير متحضرة التي نراها على رشاقة اجسامهم الرشيقة الممشوقة ، مقارنة بالاجسام الشرقية التي تغلبها الاوزان الزائدة التي تتسم بالتضاريس التي يبدو عليها ( عدم الوعي الصحي والجمال المرجو ) ..
واخيرا .. أدعو إلى مراجعة كل الحسابات الدنوية والاحتياجات العقلية وتدوينها مقارنة بالدخل الثابت ومن ثم وضع الية تحافظ على التوازن الذي لا يربك ميزانيتك الشهرية الثابتة فتضعف وتنهار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.