بقلم / عاشور كرم
إن أرواح الأحياء تتلاقى ببعضها وكذلك تتلاقى أرواح الأموات وتتلاقى أرواح الأحياء مع أرواح الأموات وقيل أن أرواح الأموات تلتقي بعضها و تتبادل الزيارات وهناك الكثير من الأقوال التي قيلت في هذا الصدد من بينها يقول ابن القيم رحمه الله :((شواهد هذه المسألة وأدلتها أكثر من أن يحصيها إلا الله تعالى والحس والواقع من أعدل الشهود بها فتلتقي أرواح الأحياء والأموات كما تلتقي أرواح الأحياء))
وقد قال الله تعالى : ((اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون)) فهي جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف فهي لغة القلوب حين تتلاقى وتلاقي الأرواح ليست مسألة علاقة عاطفية أو حب بين اثنين إنها أكبر من ذلك بكثير فهي قد تبدأ بمسألة إعجاب لكنها تتطور لتصبح علاقه سامية بعيدة عن الأغراض الدنيوية الزائلة
وكل إنسان له شبيه روحي يتناسب معه فكما أن هناك من يحبك بلا سبب هناك أيضاً من يكرهك بلا سبب تعجب روحك بروح إنسان آخر تحس بمشاعر لا تعرف لها تفسيرا ولا تجد لها أثرا فقط سوف ترتسم على وجهك ابتسامة تعجبّ وتحس بشعور يمازج قلبك وفرح يداعب وجدانك أن جمع الله بينكما بموقف عجيب غريب، تجاذب الأرواح من أسمى وأرقى العلاقات
الإنسانيه لأن الوجوه والأشكال تتكرر أما الأرواح فلا تتكرر فعالم الأرواح يتعدى الشكليات والماديات فعلم المنطق والعقل يسميه (بتآلف الأرواح) أو أن الذي حدث قد يكون حدثا من زمن بعيد واستقر بالعقل الباطن حتى جاء الوقت المناسب وصار التلاقي دون ترتيب مسبق أو سابق معرفة واحتمال آخر في مسألة التآلف فتتمثل بالأحلام وهو الاحتمال الآخر حيث انتقال الأرواح وخروجها وقت نوم الأجساد فنحن حين ننام إنما نموت ونسميها بالموتة
فتلك القلوب التي تسكن الصدور فهي تتصل فيما بينها باتصال خفي لا ندركه بل وتتزاور على نحو ما نتزاور في أوقات لا نعلمها ولذلك فلا عجب أن تتعانق قلوب وتتشابك أرواح بلا تمهيد أو سابق إنذار ودون أن يمنع بعد المكان وتباعد الأوطان من لقاءات وعناقات أبت الأرواح و القلوب إلا تتمها من خلال عالم غير مشهود لا يخضع لقانون الزمان والمكان وهناك أسرار من وراء العالم المشهود ربما تشكل عالما أوسع بكثير من العالم الذي تبصره العيون لا ندرك لها تفسيرا ولا منطقا تدفعنا دفعا إلى الحب أو الكره وإلى الاطمئنان أو القلق دون أن نضعَ أيدنا على سبب واضح يبرر هذه المشاعر
وأخير اختتم حديثي
بقول الشاعر
قلوب العارفين لها عيون
تري ما لا يري للناظرين
وأجنحة تطير بغير ريش
إلي ملكوت الله رب العالمين