بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد اقتضت حكمة الله تعالى اختصاص المؤمن دون غيره غالبا بنزول البلاء وذلك تعجيلا لعقوبته في الدنيا، أو رفعا لمنزلته في الجنة، أما الكافر والمنافق فيعافى ويصرف عنه البلاء، وتؤخر عقوبته في الدار الآخرة، ومن حكمة الله تعالى أنه لا يبتلي عباده المؤمنين بابتلاءات لا يتحملونها، بل يبتليهم ببلاء يتناسب مع إيمانهم، والناس حين نزول البلاء على أقسام فمنهم المحروم من الخير، وهو الذي يقابل البلاء بالتسخط وسوء الظن بالله واتهام القدر ومنهم الموفق الذي يقابل البلاء بالصبر وحسن الظن بالله ومنهم الراضي الذي يقابل البلاء بالرضا والشكر وهو أمر زائد على الصبر وقد ذكر العلماء للابتلاء حكما كثيرة ومتعددة، لأن فهم الحكمة من الابتلاء يخفف على المؤمن ما يجده إن كان البلاء بما تكرهه نفسه ويجعله يشكر الله تعالى إن كان البلاء بما يحب.
ويعلم أن هذا البلاء مكتوب عليه فيتكيف مع هذا الظرف ويتعامل بما يتناسب معه ويعلم أيضا أن كل الخلق مبتلون مثله بنوع من البلاء كل بحسبه فلا يكاد يسلم أحد منه ومن نظر في مصيبة غيره هانت عليه مصيبته، ويعلم ما أعد الله لمن صبر في البلاء أو شكر في الرخاء وأنه ربما ابتلاه الله بهذا دفعا لشر وبلاء أعظم مما ابتلاه به وهذا من لطفه بعبده، فهذه الدار هي دار الابتلاء والاختبار والامتحان والكل فيها مبتلى بالخير والشر بما يحب وبما يكره، ومن فوائد البلاء وحكمته أن في البلاء تكفيرا للذنوب ومحوا للسيئات، وأن في الابتلاء رفعا للدرجات في جنات النعيم، وانظروا إلى التاريخ واقرؤوا فيه منذ بعثة النبى الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الآن الفترات التي قهر فيها المسلمون أهل الأرض من المشركين أكثر أم العكس؟ ستجد باستقراء التاريخ أن المسلمين كان لهم العلو العسكري.
والغلبة المادية في الأرض أكثر، وكل الحملات الصليبية على بلاد المسلمين انتهت بالفشل الذريع ولا بد أن تنتهي الحملات الحالية بالفشل الذريع ونحن نقرأ في الأحاديث والآثار أن قتالا بيننا سيكون وبين بني الأصفر وسيكون لنا الغلبة عليهم بإذن الله فإذن لا يغرنكم يا أيها المسلمون هذه الانتصارات البسيطة والغلبة المحدودة في الزمن الآن للكفرة فإن الله ناصر دينه ومعز كلمته ومظهر هذا الإسلام على أهل الأرض ولكن من الذين ينصرهم الله؟ فلماذا يحزن الناس بلا سبب؟ ولماذا ينتحر الناس بلا سبب ؟ لأنهم ما عرفوا طريق المسجد ولا طريق القرآن ولا طريق الإيمان ولا طريق سيد ولد عدنان عليه الصلاة والسلام, فالحياة الطيبة لا تكون إلا في الإيمان به جل في علاه، فهذه هي السعادة، وهذه أحوال السعداء، ولا يكون ذلك إلا في الإيمان والعمل الصالح.
الذي بعث به الرسول عليه الصلاة والسلام، فمن سكن القصر بلا إيمان، كتب الله عليه “فإن له معيشة ضنكا” ومن جمع المال بلا إيمان، ختم الله على قلبه فإن له معيشة ضنكا، ومن جمع الدنيا، وتقلد المنصب بلا إيمان، جعل الله خاتمته فإن له معيشة ضنكا، فيا طلاب السعادة، ويا عشاق السعادة، ويا أيها الباحثون عن الخلود في الآخرة، في جنات ونهر، لا يكون ذلك إلا من طريق محمد عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الخليفة الراشد عمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه الخليفة الراشد الذي قاد الأمة بالكتاب والسنة فكان له حارس واحد في الليل فقال له رجاء ابن حي يا أمير المؤمنين أتخرج وحدك في الليل وأنت أمير المؤمنين أي وأنت خليفة فكان رضي الله عنه يحكم اثنان وعشرون دولة فقال أفمن الأرض تخوفوني أم من السماء قالوا نخوفك من الأرض.
قال لا يُقضى شئ في الأرض إلا قضي في السماء، فإن الإيمان له أثر على الفرد يقول سبحانه عن الفرد، فيقول تعالي ” أفمن شرح الله صدرة للإسلام فهو علي نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين” فيقول هل يستوي من شرح الله صدره بالإيمان والإسلام كمن أغلق الله صدره بالمعاصي والكفر والانحراف عن منهج الله حتى كان طلب انشراح الصدر من أحسن وأرقى متطلبات نبي الله موسى عليه السلام يرسله الله فتصور يا أخي المشهد إنسان قتل نفس ومطلوب ومحكوم عليه بالإعدام غيابيا ومطلوب من سلطة الدولة في مصر الطاغي الباغي السفاك السفاح فرعون أن يؤتى به حيا أو ميتا فيقول له الله ” اذهب إلي فرعون إنه طغي” أنت مطلوب للإعدام ومطلوب للقتل ويُبحث عنك ويُقال لك أذهب ادعيه إلى الله فأتاه الخبر كأنه فاجعة فقال ” قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي”