بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وسبحانه أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين أما بعد إعلم أخي الكريم إنك إن أسست الصداقة على الحب في الله صلحت وأثمرت في الدارين لأن الله عز وجل يمنح المتحابين فيه ظل رحمته وكريم منازله، أما إذا كان حب الدنيا هو الأساس، فإن أبناء الدنيا هم الخاسرون، وهل تعرف لماذا تخفق كثير من العلاقات في مجتمعنا؟ فإنك ترى إنسانا يصحب إنسانا سنوات عديدة ثم فجأة إذا به قد خاصمه وحاربه وهذا أمر عجيب، فكم من سنوات قضاها كثير من الأشخاص في صحبة إخوانهم، ولكنها بعد عشر من السنين أو أكثر باءت بالفشل والإخفاق.
أليس هذا مدعاة لأن نسأل أنفسنا عن سبب ذلك؟ وأما عن الأسباب فهي كثيرة منها هو التدخل في الخصوصيات، حيث أن لكل إنسان خصوصياته، ولكل إنسان أمور لا يحب لأحد أن يطلع عليها أو حتى أن يعرف بها أو ينظر إليها ولكن بعض الأشخاص ينتابهم فضول غريب في معرفة خصوصيات أصدقائهم والإطلاع عليها، والإلحاح في معرفتها، مما يحرج الطرف الآخر إحراجا يخرجهم إلى حالة الخصومة التي يفضلونها على كشف خصوصياتهم، وكما أن من أسباب فشل الصداقات بين الأصدقاء هو حب السيطرة، حيث أن في وسط الأصحاب أُناس تبدو عليهم ملامح القيادة والسيطرة، فيحاولون أن يقودوا أصحابهم إلى ما يريدون، دون شعور بهم أو حتى مشاورتهم، وكما أن من أسباب فشل الصداقات بين الأصدقاء.
هو التديّن غير الصحيح، إذ إن بعض الأشخاص ما إن يدخلون في نطاق التدين حتى يحاربوا أصدقاءهم وإخوانهم، ويشددوا عليهم، ويكيلوا لهم الاتهامات المختلفة، وكما أن من أسباب فشل الصداقات بين الأصدقاء هو عدم التوازن، فقد ترى أشخاصا لا تحتمل عقولهم إلا صاحبا واحدا، فإذا دخل رجل أو شخص جديد على خط صحبتهم نسفوا الصحبة القديمة كلها فلا يأبهون لها ولا يحترمون ودها، وكما أن من أسباب فشل الصداقات بين الأصدقاء هو الحسد، فإنه إذا طرأت نعمة على إنسان فإنك قد ترى أن أول الحاسدين له هم أصحابه وأصدقاؤه الذين عاش معهم فترة طويلة، وكما أن من أسباب فشل الصداقات بين الأصدقاء هو زوال الكلفة.
حيث أنه يظن بعض الناس أن زيادة الأخوة تعني إزالة الكلفة وقلة الأدب وتجاوز خطوط الآداب العامة، وإن من صور للصداقة الكاذبة هي الصداقة بين الوليد بن المغيرة وأبو جهل، وقال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه، يسأله عن القرآن، فلما أخبره خرج على قريش فقال يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة أي النبي صلى الله عليه وسلم، فوالله ما هو بشعر، ولا بسحر، ولا بهذي من الجنون، وإن قوله لمن كلام الله، فلما سمع بذلك النفر من قريش ائتمروا وقالوا والله لئن صبأ الوليد لتصبأن قريش، فلما سمع بذلك أبو جهل قال أنا والله أكفيكم شأنه، فانطلق حتى دخل عليه بيته، فقال للوليد ألم تري قومك قد جمعوا لك الصدقة؟ قال ألست أكثرهم مالا وولدا؟
فقال له أبو جهل يتحدثون أنك إنما تدخل على ابن أبي قحافة لتصيب من طعامه، قال الوليد أقد تحدثت به عشيرتي؟ فلا يقصر عن سائر بني قصي، لا أقرب أبا بكر ولا عمر ولا ابن أبي كبشة، وما قوله ” إلا سحر يؤثر” فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم ” ذرني ومن خلقت وحيدا ” إلي آخر الآيات في سورة المدثر.