بقلم / محمـــد الدكـــروري
في ضوء المعلومات الواردة في قصة زواج نبي الله يوسف عليه السلام من زليخة امرأة العزيز، فقيل إنه وجد نبى الله يوسف عليه السلام السيدة زليخة عذراء، وحسب روايات عادت زليخة إلى أيام شبابها بإحسان من الله تعالى، وأنجبت من نبى الله يوسف عليه السلام ولدين، ومن المستحيل ألا يعقد نبى الله يوسف عليه السلام قرانه على زليخة لأن الزنا حرام في شرع جميع الرسل بدءا من سيدنا آدم عليه السلام وصولا إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأما عن زليخه، فكان اسمها راعيل بنت رماييل، وزليخه كان لقبها، وكان زوجها هو بوتيفار عزيز مصر، أي رئيس الوزراء في عهد الملك أمنحوتب الثالث الذي يُعد من أعظم الملوك الذين حكموا مصر عبر التاريخ، وكانت مشهورة بجمالها.
وكبريائها الذي أضحى تكبرا وأنفة، وبعد أن ألقى أخوة نبي الله يوسف عليه السلام في الجب، عثر عليه تاجر عربي اسمه مالك بن زعر، وحمله معه إلى مصر، حيث كانت تسير قافلته، وهنالك قام ببيعه بسوق النخاسة لبوتيفار عزيز مصر الذي أدخله إلى بلاطه وهو طفل ولم يعامله معاملة العبيد، بل أوصى زوجته زليخه بالإحسان إليه، لما وجد فيه من الفطنة والذكاء والرأي الثاقب، وقد نشأ نبى الله يوسف عليه السلام ترعرع في بلاط العزيز مدة أحد عشر عاما إلى أن صار شابا حسن الوجه حلو الكلام، شجاعا قويا، وذا علم ومعرفة، وكان لا يمضي يوم إلا ويزداد شغف زليخا بيوسف إلى أن راودته عن نفسه ظانة منه أنه سيطيعها في معصية الله سبحانه وتعالى.
إلا أن نبى الله يوسف عليه السلام أبى أن يرتكب المعصية وهرب خارجا لكنهما وجدا بوتيفار عند الباب، وعندما رأى بوتيفار أن قميص يوسف قد تقطع من الخلف أيقن أن زوجته زليخه هي من راودت نبى الله يوسف عليه السلام عن نفسه، فقال كلمته الشهيرة التي ذكرها القرآن الكريم فى سورة يوسف ” فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم ” واستشاطت زليخه غضبا ولم تطلب الصفح عما اقترفت، بل سعت جاهدة إلى تبرير صنيعها بإقامة حفل لنساء أكابر مصر اللاتي تكلمن عنها، ثم طلبت من يوسف أن يخرج عليهن، فإذا بالنسوة يقطعن أيديهن مبهورات من جمال يوسف، وعندما استعصم النبي يوسف وأبى ارتكاب الفحشاء، سعت زليخه إلى سجنه حتى ينصاع لرغباتها.
لكنه ثبت على موقفه فقال كما جاء فى سورة يوسف ” قال رب السجن أحب إلى مما يدعوننى إليه ” ولما دخل نبى الله يوسف عليه السلام السجن أرادت زليخه سماع صوته، فقالت للسجان أضرب يوسف لكي أسمع صوته، فقال السجان لنبى الله يوسف عليه السلام لقد أمرتني الملكة أن أضربك لتسمع صوتك، ولكن سوف أضرب الأرض وأنت اصرخ، فأخذ يصرخ عليه السلام، فأرسلت الملكة للسجان في اليوم الثاني فأمرته أن يضرب نبى الله يوسف عليه السلام لكي تسمع صوته، فقال السجان لنبى الله يوسف عليه السلام لقد أمرتني الملكة أن أضربك لتسمع صوتك، ولكن سوف أضرب الأرض وأنت اصرخ، فأخذ يصرخ عليه السلام، فأرسلت الملكة للسجان في اليوم الثاني.
فأمرته أن يضرب نبى الله يوسف عليه السلام لكي تسمع صوته، فرجع السجان وصنع ما صنع في المرة السابقة وفي المرة الثالثة أمرت زليخه السجان، وقالت له ارجع ليوسف واضربه لكي أسمع صوته وفي هذه المرة أريدك أن تضربه حقا فقال السجان مولاتي فعلت ما أمرتى فقالت له لا، إنك لم تفعل، فإن ضربته أحسست بالسوط على جلده قبل أن يصرخ فارجع له، وإن لم تفعل فلن تنجو هذه المرة، فعاد السجان لنبى الله يوسف عليه السلام وحكى له ما دار بينه وبين زليخه، فقال نبي الله يوسف افعل ما أُمرت به، فأخذ السجان بالسوط وضرب نبى الله يوسف عليه السلام وفي لحظة وقوع السوط على جسده أحست به زليخه قبل أن يصرخ في حينها صرخت زليخا.
فقالت ارفع سوطك عن يوسف فلقد قطعت قلبي، وقضى نبى الله يوسف عليه السلام في السجن عشر سنين، لكن زليخه أخذت تعاني آلام الفراق كثيرا وازداد عشقها وتعلقها به حتى باتت تقضي أيامها بالبكاء شوقا إليه مما أضعف بصرها وجعلها تشيخ بسرعة وتفقد جمالها.