د. محمود محمد علي
بالأمس ذهب لأحدى بنات المتزوجات وهي” رضوه” ، لآصلها في عيد الفطر ، فأصرت وأنا معها أن نشاهد سويا أحدث نسخة جديدة من الأفلام الأمريكية التي صدرت خلال هذا العام ، وكان هذا الفيلم بعنوان “النحال The Beekeepe ؛ وهو فيلم حركة وإثارة أمريكي قادم من إخراج ديفيد آير ، وتأليف كيرت ويمر.. الفيلم من بطولة الممثل البريطاني جيسون ستاثام ، وإيمي رافر لامبمان، وجوش هاتشرسون، وبوبي نادري، وميني درايفر، وفيليسيا رشاد، وجيريمي آيرونز. ومن المقرر أن يتم إصداره في دور العرض بواسطة أستوديوهات أمازون في 12 يناير 2024.
وحسب ما عرفته بعد مشاهدتي للفيلم أنه قد أثار حالة من الجدل الواسع بين محبي السينما الأمريكية ، تسبب فيها بمجرد طرحه في دور العرض السينمائي خلال الشهور الماضية ، وهو الأمر الذي دفع عشاق السينما الأمريكية للسؤال عن قصة وأبطال الفيلم الذي نال إعجاب الكثيرين.
واللافت في الفيلم -الذي أخرجه ديفيد آير- هو ذلك التشبيه الجديد من نوعه لدولة بحجم الولايات المتحدة الأميركية بخلية النحل، والتي يتم فيها بشكل سري تماما اختيار شخص واحد يتوجب عليه تطهير الخلية من أي تهديد داخلي تتعرض له الدولة حتى لو كان هذا التهديد هو رئيس الدولة نفسه.
وهذا الفيلم حسب ما شاهدته وأرجو أن يتحملني القارئ في سرد تفاصيله من أنه كان يحكي عن منظمة سرية اسمها “الناحلين” ، أو ” مربي النحل” ، والعاملين في تلك المنظمة على أعلى درجة من الكفاءة القتالية ، إذ ينظر لأي منهم وكأنه يمثل جيش بأكمله ، ويوجد شخص من تلك المنظمة ، وهو بطل الفيلم ، ويدعى ” السيد كلاي” ، وهو متقاعد في منطقة ريفية ، حيث استأجر مكانا من سيدة مسنة ، وهذه السيدة رئيسة جمعية خيرية ، والمكان ، وهذا المكان الذي يسكن فيه ” كلاي” خصصه كمنحل ، وهذه السيدة تعامله معاملة محترمة ، وكأنها أمه ، وقد دعته ذات يوم ليتناول معها وجبة العشاء ، فوافق كلاي .
بعد ذلك رأينا تلك المرأة المسنة ، وأثناء فتحها للكمبيوتر الخاص بها ، جاءتها رسالة تحذيرية ، والرسالة أخبرتها أن هادر الكمبيوتر الخاص بها ، به مشاكل وأنه يوجد في متن تلك الرسالة رقم تليفون فيجب أن تتواصل من خلال هذا الرقم لحل مشاكل الهارد، فاتصلت به على الفور ، خلال الفيلم اتضح أن هؤلاء الأشخاص الذين اتصلت بهم السيدة ، تبين أنهم يمثلون شبكة عنكبوتية ، حيث رد عليهم رئيسهم بنفسه ، وتلك معها أمام صف الاحتيال وذلك كي يتعلموا منه طريقة النصب الصحيحة .
حسب أحداث الفيلم رأينا السيدة تقول خلال تلك المكالمة بأنها قد أتتها رسالة تحذيرية بأن الهارد به مشكلة ، فيرد عليها : “نعم ، توجد مشكلة فعلا ، ولهذا أٌرسل لكيِ “تطبيق” ، ثم تضغطين على كلمة “تحميل” ، وبعد ذلك سوف تُحل مشكلة الهارد ” . وبالفعل نفذت السيدة تعليماته بسذاجة ؛ سيما وأنه ليس لديها دراية عن عمليات النصب التي تتم من خلال الانترنت، فوثقت في كلامه ، وفتحت التطبيق ، فعرفت المنظمة أسرار حسابها البنكي ، وهنا قال لها :” طالما أنك قد استخدمتي التطبيق الخاص بنا ، فسأرسل لكي خمسمائة دولار مكافأة ، وفعلا أرسل لها المبلغ ، ولكن بدلا من أن يرسل لها خمسمائة دولار ، أرسل خمسين ألفا دولار ، فأخبرها أنه أخطأ في التحويل فبدلا من تحويل خمسمائة دولار أرسل خمسين ألفا، وهنا قال لها : “من فضلك رجعي المبلغ ، وإلا سأتضرر. فردت عليه : أنا لا يرضيني ذلك ” .
وبالفعل أرجعت له الخمسين ألفا، ولكنها ، كانت مضطرة بأن تكب الرقم السري لحسابها البنكي ، وعقب الإرسال ، فوجئت السيدة أن الكمبيوتر أنطفأ فجأة ، وهنا تم سحب كل أموالها من السيرفر ، وكان من ضمنهم حساب لجمعية خيرية كانت مسؤولة عنها وكان يوجد به حوالي أثنين مليون دولار، وعندما تم سحب المبلغ ، عاد الكمبيوتر واشتغل مرة أخرى ، ففوجئت أن كل الأرصدة الخاصة بها على السيرفر أضحت مشفرة ، فانهارت السيدة وأخذت تبكي بحرقة ، وعلى الجانب الآخر ، رأينا الشخص الذي ابتزها قام بعمل حفلة مع فريق العمل الخاص به ليخبرهم بنجاح العملية الابتزازية على أحسن وجه لكونهم نصبوا عليها.
من ناحية أخرى رأينا ” كلاي” الذي عزمته السيدة على العشاء ، ذهب ليعد برطمان من عسل النحل ليأخذه في عزومة العشاء ، وعندما ذهب إلى بيتها ، وجد أن مصباح بيتها منطفأ ، وهنا يستغرب جدا ، وهنا حاول أن يدخل بيتها كي يطمئن عليها ، ولكن يفاجأ أن أبنتها ” باركر” تأتي من خلفه للقبض عليه ،واتضح من خلال مجريات الفيلم أن السيدة انتحرت عقب عملية الابتزاز الذي حدث لها ، ثم اتضح أن “باركر” تعمل في البوليس ، بعد أن اعتقد أن كلاي قام بقتل أمها ، حيث سألته : من أنت ؟ ، ولماذا جئت إلى هنا؟ ، وأخبرها بالحقيقة ، ولكن لم تصدقه ، والشرطة قبضت عليها ، إلى أن تنتهي من تحرياتها ، وترفع البصمات.
وبالفعل أكتشف “باركر” بعد تشريح الطب الشرعي لجثة أمها، أنها انتحرت، وأن كلاي ليس علاقة بقتلها ، وأفرجوا عنه ، وبعد ذلك قامت أينتها بفتح كمبيوتر أمها واكتشفت أن أمها قد وقعت أسيرة نصب عالية ، ثم ذهبت أبنتها لكلاي لكي تعتذر له ، وعزمته على فنجان شاي ، وخلال ذلك أفهمته ما الذي حدث مع أمها ، وهنا غضب كلاي غضبا شديدا لما حدث ، وأقسم لها أن ينتقم ممن فعل ذلك ؟ ؛ (سيما وأنها كانت تعامله مثل أمه كما قال كلاي في ثنايا حوادث الفيلم).
وعقب عزومة الشاي ذهب كلاي إلى خلية النحل الخاصة به ، وأخرج منها جهاز تواصل كان معه ، فتواصل مع واحدة من معارفة في طاقم خلية النحالين، فطلب منها معرفة هوية الخلية التي قد أٌبتزت السيدة المنتحرة ، وفي خلال أربع وعشرين ساعة أخبرته بمكانهم، وعلى الفور ، أخذ جركنين بنزين ، ولكن أمن الشركة ، حاول أن يوقفه ، ولكن كلاي ضربهم بكل بساطة علي طريقة أرنولد شوارزنيجر ، وبعد ذلك دخل في حجرة الاستقبال فوجد فتاة ،حيث قال لها : معي جركنين بنزين ، وساحرق الشركة فورا ، فلو سمحتي أخبري كل الموجودين بالمبني مغادرة المبني!، ثم صعد إلى الدور الذي يتواجد فيه صف النصابين الذين نصبوا على السيدة المنتحرة ، وطلب من كل واحد منهم إغلاق سماعة التليفون ، فرفض ، ولكن كلاي شده من أنفه، وقال له : ألم أثل لك أغلق السماعة؟، ثم قام كلاي واحتك بشخص آخر وأخذ يبرحه ضربا بسماعة التليفون على رأسه إلى أن مات ، وهنا طلب كلاي من الحاضرين المذعورين ، أن يكرروا وراءه ما سيقوله :” أنا لن أسرق من شخص ضعيف ولا أحد محروم مرة أخري ” ، وطلب منهم أن يكرروا ذلك مرارا وتكرارا على مسامعه .
وعقب ذلك قلم كلاي بصب جركنين البنزين على أجهزة الكمبيوتر التي أمامهم ، ولكن حاولوا أن يمنعوه ، ومعهم ” جارنت” قائد عملية الابتزاز ، ولكنهم لم يستطيعوا مقاومته ، وهنا هرب ” جارنت” بعد أن قطع أصابعه ليحتفظ بها ،ثم تركه كلاي ليستكمل تفجير المبني، وتم ذلك بنجاح ، وتستمر أحداث الفيلم ، فنجد جارنت بعد أن هرب وجدناه يتصل برئيسه واسمه ” هاتشر” يحكي لنا تفاصيل ما حدث له مع كلاي ، ثم يسأل هاتشر : لماذا فعل ذلك ؟ .. فيقول له : لا أعرف السبب؟، وهنا يسأل ” هاتشر ” مسؤول الأمن الخاص به ، والذي كان حسب أحداث الفيلم رئيس المخابرات الأمريكية المتقاعد لماذا فعل كلاي ذلك ؟ ، فأجابه بعد أن سأل عن هوية كلاي ، فقال له : لا أستطيع أن أخدمك في ذلك ؟ ، وأعلم أن كلاي طالما وضع في حسبانه أن ينتقم منك فسيفعل!… لم يعبأ ” هاتشر” بكلامه ، وطلب من ” جارنت” حسب أحداث الفيلم أن يؤجر له أحد قريب من خلية النحالين المرتزقة للتخلص من كلاي.
على الجانب الآخر حسب أحداث الفيلم تذهب أبنة السيدة المنتحرة التي تعمل في البوليس إلى مكان الشركة المحروقة ، لتعلم من زملائها في العمل أن أصحاب تلك الشركة لهم علاقة بالأفراد الذين نصبوا على أمها ، وأن الذي قام بحرق الشركة لم يترك أي دليل ، لأن الكاميرات اٌحترقت مع المبنى .
وتستمر أحداث الفيلم فنجد ” جارنت” يأخذ معه مجموعة من المرتزقة ووصلوا إلى مكان كلاي ، وذلك بعد أن تتبعوه ، وهم في طريقهم إليه ، فتحوا النار عليه ومروا مكان المنحل الذي يعيش فيه ، انتقاما منهم ، ولكنه أخذ يتتبعهم بعد ذلك ، ودخل معهم المكان الذي كانوا فيه ، وهم لا يدرون بذلك أن كلاي يقودهم لكمين ، وهنا نجد حسب أحداث الفيلم ؛ حيث يصرخ جارنت ، وهو ينادي على كلاي ويقول له “أظهر أيها الوغد “، ولكن كلاي لم يعبأ به ، وأخذ يقتل كل واحد من مجموعة المرتزقة الذين معه بطرق مبتكرة ، حتى أنه لم يتبقى سوي جارنت.
والغريب أن كلاي لم يقتله ـ ولكن قام بتقطيع أصبعين من أصابع يده ، ثم تركه وشأنه ، فما كان على جارنت سوي الهرب ، وهنا رأينا حسب أحداث الفيلم أن جارنت وهو على الجسر أتصل برئيسه “هاتشر” ، وأثناء وهو يتكلم معه في التليفونـ يظهر كلاي ، واتضح أن كلاي تركه كي يصل إلى معرفة رئيسه ، ثم قام كلاي وربط جارنت بحبل ، ثم ربط هذا الحبل بسيارته بعد أعطاها غيار لتسير وحدها بدون سائق ، فنجد العربة وهي تسير بدون سائق قد تجاوزت الجسر ومعها جارنت ، وهنا رأينا هاتشر (رئيسه) يسمع صراخ جارنت من التليفون ، ثم رأينا بعد ذلك كلاي يمسك بالتليفون ويكلم هاتشر ويقول له :” سوف أجبئ إليك أيها الأحمق وأفتك بك فتكاً لا تأخذني به رحمة بك” .
ثم رجع هاتشر عقب المكالمة وتكلم مع رئيس الأمن الخاص به ، وهنا رأينا هذا الرئيس في مشهد ينظر في كمبيوتر وهو بتابع بعض المعلومات عن كلاي ، فأدرك أن كلاي أحد المنتمين إلى منظمة الناحلين والذين إذا كُلف أحدهم بعمل انتقامي من شخص ما، فلابد من أن يصفيه ويقتله ، ومن ثم لا يستطيع أحد أن يواجهه مهما بلغت قوته ، ثم طلب هاتشر من رئيس الأمن ألا يقف متكوف الأيدي.
ثم تستمر الأحداث حيث نجد هاتشر يستنجد بأمه ، والتي تحتل منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حسب أحداث الفيلم ، وهنا تحاول أمة أن تستأجر أحد المرتزقة الذين يعملون في نفس منظمة النحالين والذي كان كلاي واحد منهم ، وتستمر أحداث الفيلم فنجد كلاي كان في بنزيمة يفول سيارته ، ثم تدور مشاجرة قوية بينه وبين تلك المرتزقة، حيث انتهت بقتل كلاي لهم جميعا على طريقة السينما الأمريكية من الكر والفر.
ثم نجد كلاي يقوم بتقطيع أصابع جارنت، ثم يقوم بربطه بسيارة مفخخه كي يموت في مشهد مروع ، وفي اليوم التالي تذهب باركر ( ابنة المنتحرة) إلى البنزيمة ، وتدرك أن كلاي وراء هذا الضرب والحرق الذي حدث في البنزيمة ، والغريب أن باركر تحاول أن تقبض عليه مع العلم أنه يفعل كل هذا انتقاما لثأر أمها ، وعلى الجانب الآخر تستمر الأحداث فنجد رئيس الأمن يستعين بمرتزقة آخرين وعلى مستوى أعلى مما سبق للتخلص من كلاي ، ولكن أيضا تفشل العملية مرة أخرى بعد كر وفر ، إلى أن بقي مشهد رائع من كلاي وهو يضرب رئيسهم بضراوة كي يخبره بمكان هاتشر وأعلمه أنه ابن رئيسة أمريكا، ومن الصعب الوصول إليه ، وتستمر الأحداث في الفيلم إلى أن يصل إليه في أحد المنتجعات ويقتله أمام أمه في مشهد دراماتيكي ، ويهرب بعد ذلك من خلال بدلة غوص وينتهي الفيلم.
والشيء المثير في الفيلم هو كيف استطاع كلاي القضاء على عشرات المقاتلين من الحرس الرئاسي والمرتزقة ورجال عصابة المسلحين في أوضاع قتال فردية رغم وجودهم معا، كان يشبك مع الواحد منهم، فيما يشاهد الآخرون حتى ينتهي من زميلهم، ثم يأتي دور التالي ليقضي عليه، وهكذا ليتخذ الفيلم شكل لعبة فيديو بدلا من شكل فيلم سينمائي يحتاج إلى بعض المنطق في أحداثه، ليصل الأمر أحيانا إلى درجة السخافة ، وهو الأمر الذي جعل البطل النحال يخرج في الفيلم على القوانين المعلنة والسرية التي تقف في طريق تحقيقه العدالة، وبدلا من محاكمة السيدة التي احتلت منصب الرئاسة الأميركية وابنها المجرم وتابعيه قتلهم جميعا باستثناء السيدة التي اعترفت بالحقيقة وقررت دفع الثمن.
وبصرف النظر في كون الفيلم يسلط الضوء على ظاهرة عمليات الاحتيال الإلكترونية، من خلال قصة “آدم كلاي” الذي يلعب دوره جيسون ستاثام، والذي يتقاعد من عمله كعميل سابق في منظمة سرية تعرف باسم “بيي كيبرز” أو “النحالين”، والتي تم إنشاؤها لحفظ النظام داخل البلد، ويتفرغ لعيش حياة هادئة وتربية النحل.
والمثير جدا جدا أنه عقب مشاهدتي للفيلم الذي أثارني ، رجعت إلى منزلي ، فرأيت في منامي وأنا أحلم بكلاي ، وكأنه قد خرج منه أكثر من سبعين رجلا ، وهم يعبرون السور الحدودي لتنفيذ حادث طوفان الأقصى الذي حدث في السابع من أكتوبر الماضي، وأخذت أتساءل : ماذا لو كانت الرؤيا أو الحلم الذي رأيته صحيحا ؟ ، وأن الذين قاموا بعملية طوفان الأقصى من المرتزقة الأمريكان ، فهل كان سيحدث ما حدث من تصفية أكثر من 34 ألف فلسطيني في مؤامرة لن يشهد التاريخ بمثلها!! … أترك الإجابة لإشعار آخر وأٌلقي ذلك في عباءة القارئ !! .. وللحديث بقية..
د. محمود محمد علي – كاتب مصري.