الماء نعمة عظيمة من الله

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الاثنين الموافق 12 أغسطس 2024

الحمد لله الذي أرسل رسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والشكر له على ما أولانا من واسع كرمه وفضله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هدى من هدى بفضله، وأضل من أضل بحكمته وعدله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى من جميع خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وصحبته، وسلم تسليما ثم أما بعد إن الكلمة الطيبة لها مزايا عديدة تقرب القلوب وتذهب حزنها وتمسح غضبها وتشعرنا عندما نسمعها أننا في سعادة وحبذا لو رافقتها ابتسامة صادقة، وكما إن الماء نعمة من الله عظيمة وهبة من المولى جزيلة به تدوم الحياة وتعيش الكائنات وتخضر الأرض وتنبت من كل زوج بهيج وهو عنصر الحياة وسبب البقاء، حيث قال الله تعالى ” وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون “

وبه تعقد الآمال وتطيب النفوس وتهدأ الخواطر وتتفاءل الأرواح وتنشر الرحمة، حيث قال الله تعالى ” وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد ” وهو أغلى من المُلك وأثمن من الجواهر وهو نعمة الله الكبرى ومنته العظمى، ومما يؤكد أنه أغلى من الملك هو ما روي أن ابن السماك دخل على هارون الرشيد الخليفة العباسي يوما فاستسقى الخليفة فأُتى بكأس بها فلما أخذها قال ابن السماك على رسلك يا أمير المؤمنين لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها؟ قال بنصف ملكي، قال اشرب هنأك الله تعالى يا أمير المؤمنين، فلما شربها قال أسألك بالله لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشترى خروجها؟ قال بجميع ملكي، قال ابن السماك لا خير في ملك لا يساوي شربة ماء، فبكى هارون الرشيد.

وإن الماء أصل المعاش وسبيل الرزق، فيقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه أينما كان الماء كان المال، وأينما كان المال كانت الفتنة، وإن كثرة ذكر الماء في كتاب الله بمفرداته ومكوناته من البحار والأنهار والسحاب يدل على عظم أثره في حياة البشرية فهذا السائل المبارك هو أغلى ما تملك الإنسانية لاستمرار حياتها بإذن الله، وقد أدرك ذلك الناس كلهم كبيرهم وصغيرهم عالمهم وجاهلهم، حاضرهم وباديهم، عرفوه في إستعمالاتهم وتجاربهم وعلومهم، إن خف كان سحابا وإن ثقل كان غيثا ثجاجا وإن سخن كان بخارا وإن برد كان ندى وثلجا وبردا تجري به الجداول والأنهار، وتتفجر منه العيون والآبار، وإن السعي في حصر خصائصه ووظائفه ومنافعه وفوائده تعجز الحاصرين، فلا شراب إلا بماء، ولا طعام إلا بالماء.

ولا دواء إلا بالماء ولا نظافة إلا بالماء، ثم لا زراعة إلا بالماء، بل ولا صناعة إلا بالماء ولم تنقص قيمته لا بتقدم الإنسانية ولا بتخلفها، بل لقد زادت أهميته ثم زادت، حتى صاروا يتحدثون عن الأمن المائي والصراع على موارد المياه ومصادرها ومنابعها، فالماء هو عماد اقتصاد الدول، ومصدر رخائها وبتوافره تتقدم وتزدهر، وبنضوبه وغوره وشح موارده تحل الكوارث والنكبات، كما تبرز أهمية الماء في أنه يغطى واحد وسبعين بالمائة من مساحة الأرض، كما يرى البعض أنه من المتوقع أن تندلع الحروب في المستقبل القريب بسبب الصراع على الموارد المائية نظرا لتقلص حجمها وكميتها، وإنخفاض جودتها بسبب التلوث ولذلك فإن الدول تشرع القوانين للحفاظ على الماء وصيانته من التلوث، لكن هذه القوانين غير كافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.