الكعبة عند اليمنيين قبل الإسلام


بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد ذكر أهل الأخبار أن الكعبة كانت معظمة عند اليمنيين قبل الإسلام، فما أن علم رجل اسموه في كتبهم ذو نفر، بنية أبرهة حتى عزم القتال دفاعا عن البيت، فقاتل أبرهة وغُلب ذو نفر، ويذكر الطبري بعض ما يدعم نقوش المسند وكتابات البيزنطة التي عاصرت أبرهة ما شأنه أن الأشرم كان حليما، فلم يقتل أعدائه، وبلغ أبرهة بلاد خثعم وخرجت له قبائل أكلب وشهران وناهس بقيادة رجل يدعى نفيل بن حبيب الأكلبي الخثعمي، فأسره أبرهة وأراد قتله فقال له الخثعمي أيها الملك لا تقتلني، فإني دليلك بأرض العرب، وهاتان يداي لك على قومي بالسمع والطاعة، أما ثقيف فلم تبدى مقاومة وخرج قائدهم المدعو مسعود بن معتب، فقال أيها الملك، إنما نحن عبيدك، سامعون لك مطيعون، ليس لك عندنا خلاف.

وليس بيتنا هذا بالبيت الذي تريد إنما تريد البيت الذي بمكة ونحن نبعث معك من يدلك، فلما اقترب أبرهة من مكة استولى على إبل بني هاشم وبعث رجلا يدعى حناطة الحميري ليسأل عن شريف المنطقة فقيل له هو عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، فتوجه حناطة هذا وقال لعبد المطلب إن الملك لا يريد حربكم إنما جاء ليهدم البيت، فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم، فإن لم يرد حربي فأتني به، فخرج عبد المطلب مع حناطة نحو معسكر أبرهة وسأل عن ذو نفر، المذكور من قبل وتزعم كتابات أهل الأخبار أنه كان صديقا له فقال له، يا ذا نفر، هل عندك غناء فيما نزل بنا ؟ فقال له ذو نفر، وكان له صديقا وما غناء رجل أسير في يدي ملك، ينتظر أن يقتله غدا أو عشيا.

ما عندي غناء في شيء مما نزل بك، إلا أن أنيس سائق الفيل لي صديق، فسأرسل إليه، فأوصيه بك، وأعظم عليه حقك، وأسأله أن يستأذن لك على الملك، فتكلمه بما تريد، ويشفع لك عنده بخير، إن قدر على ذلك، قال حسبي، فبعث ذو نفر إلى أنيس، فجاء به، فقال يا أنيس إن عبد المطلب سيد قريش، وصاحب عير مكة، يطعم الناس بالسهل، والوحوش في رءوس الجبال، وقد أصاب الملك له مائتي بعير، فاستأذن له عليه، وانفعه عنده بما استطعت، فقال أفعل، فدخل عبد المطلب على أبرهة سائلا إياه أن يرد له العير أو الإبل التي سلبها منه فعجب أبرهة وأحتقره رغم أنه أكرمه حينما رأى وسامته على روايات الإخباريين، متعجبا منه كيف يطلب الإبل ويترك البيت الذي جاء لهدمه فأجاب عبد المطلب إني أنا رب الإبل.

وإن للبيت ربا سيمنعه فلما رفض أبرهة طلب عبد المطلب، خرجت قريش إلى الجبال تنظر مافاعل أبرهة في كعبتهم، وفي صبيحة اليوم التالي عزم أبرهة على تنفيذ مخططه وهيأ الفيل الذي جلبه من صنعاء واسم الفيل كان محمود، فقام الخثعمي الذي أسره أبرهة بالهمس في أذن الفيل قائلا “ابرك محمود، وارجع راشدا من حيث جئت، فإنك في بلد الله الحرام” فبرك الفيل ولم يقم، فوجهه أبرهة جهات مختلفة عن مكة، فقام “يهرول” ورفض الهرولة ناحية مكة، وسمى ذلك العام بعام الفيل نسبة إلى هذه الحادثة التي وقعت فيه، عندما حاول أبرهة الحبشي، أو كما يعرف كذلك بأبرهة الأشرم، حاكم اليمن من قبل مملكة أكسوم الحبشية تدمير الكعبة ليجبر العرب وقريش على الذهاب إلى كنيسة القليس التي بناها وزينها في اليمن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.