الفضائل والأهداف الخُلقية


بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد كان المعلم في الماضي مكانه عظيمة وكبيرة، حيث كان للعلماء مكانه مرموقة في ايام السلاطين والخلفاء قديما فكانت لاتخلوا مجالس الامراء والخلافاء من العلماء والمعلمين وكانوا يقومون بإسناد تربية ابنائهم للمعلمين وكانوا يستشيروهم في كل امور الخلافة وفي ايام الخليفة العباسي هارون الرشد، قد اتخذ الإمام الكسائي وهو إمام الكوفة معلما ومربيا لابنائه الامين والمأمون وكان يستشيره في كل امور الدين والدنيا وفي يوم سأله الرشيد من افضل الناس ياكسائي ؟ فقال الكسائي أو غيرك يستحق الفضل يا أمير المؤمنين، فقال الخليفة نعم إن أفضل الناس من يتسابق الأميران إلى إلباسه خفية وكان الأمين والمامون تقديرا للكسائي يتسابقان على الباسه خفيه عندما يهم بالخروج من عندهما، فهذه مكانة العلم وهذا تقدير العلماء، ومن هذه الرواية يتضح لنا فضل المعلم ومكانته عند الخلفاء سابقا.

فالمعلم هو الرسول، وهو عمود المجتمع الذي يعلم الناس ويخرجهم من ظلمات الجهل اي نور العلم، وهذه أم الإمام مالك بن أنس رحمه الله تقول لولدها وقد أرسلته ليطلب العلم يا بني اذهب إلى مجلس ربيعة، وخذ من أدبه قبل أن تأخذ من علمه، وكما إن هناك الأهداف الخُلقية، وهى من خلال تعليم الفرد الأخلاق الإسلامية والفضائل التي تساهم في نشر الخير والفضيلة في المجتمع، فالأخلاق هي روح الإسلام وجوهره، وقد مدح الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بخُلقه، فقال تعالى ” وإنك لعلى خلق عظيم” وأيضا فإن هناك الأهداف الجسدية وهى من خلال ضبط ميول الإنسان للنشاط الحركي الجسدي بتحديد نوع النشاط وضبطه، وتحقيق التوازن بين هذا الميول وبين الحلال والحرام، وكذلك فإن هناك الأهداف الاجتماعية وهى بتحديد علاقة الفرد بالبيئة والكون.

وبيان ضوابط علاقته بغيره، والأنشطة التي يمارسها بحيث يصبح فاعلا في مجتمعه بما يحمله من أفكار وقيم أخلاقيّة، فتحثه على صلة أرحامه، ومراعاة حقوق جاره وغير ذلك، وإن للتربية الإسلامية العديد من المصادر، وهى القرآن الكريم، وهو الكتاب الذي أنزله الله سبحانة وتعالى على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بواسطة الوحي جبريل عليه السلام، ففيه تثبيت للقلب، وترسيخ للإيمان، وتعليم القرآن وقراءته، لقول الله تعالى ” وقال الذين كفروا لولا أنزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا” وذلك لما يتمتع به من أسلوب فريد في التربية، فيبدأ بالإقناع العقلي مراعيا العواطف الإنسانية، بكل بساطة بعيدا عن التعقيد، مع تنوعه في استخدام الأساليب العربية، ومما يؤكد ذلك أن بداية نزول القرآن الكريم فكانت آيات تربوية.

وهي قوله تعالى ” اقرأ باسم ربك الذى خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذى علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم” ومن مصادر التربية الإسلامية هى السنة النبوية المشرفة وهي كل ما جاء عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من قول وفعل وتقرير وصفة، لقول الله تعالى ” وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا” فجاءت السنة النبوية المشرفة لبيان ما جاء في القرآن الكريم من تشريعات وآداب، فتوضح المنهج الإسلامي المتكامل، بالإضافة إلى استنباط الأساليب التربوية التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أصحابه وأسرته وأهله، ومراعاته لجميع فئات المجتمع، كالطفل والرجل والمرأة والكبير وغير ذلك، وأيضا من المصادر هو هدي الصحابة والتابعين، حيث أن الصحابة رضي الله عنهم تعلموا من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وأخذوا منه.

وكانوا يطبقون القرآن فور نزوله، فجاء عنهم، كنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نجاوز السورة من القرآن حتى نحفظها ونعمل بها، ومن شدة تأثير القرآن في تربيتهم أنه أغناهم عن الشعر، وأخبار العرب، وعن الكهانة، فعلموا غيرهم من التابعين، وكذلك فإن للتربيّة الإسلامية العديد من الميادين، وتتمثل هذه الميادين في قول الله تعالى ” هو الذى بعث فى الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين” ومن هذه الميادين هو تلاوة الآيات، حيث يعزز هذا الميدان ولاء المسلم لدينه، وإظهاره في القول والعمل، من خلال دراسة معجزات الأنبياء، وتاريخ الإنسان، والسنن الكونية، والعلوم والاختراعات العلمية، لقول الله تعالى ” سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.