الفرق بين التشجيع والإجبار

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله بيده مفاتيح الفرج، شرع الشرائع وأحكم الأحكام وما جعل علينا في الدين من حرج، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قامت على وحدانيته البراهين والحجج، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، هو المفدى بالقلوب والمهج، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ساروا على أقوم طريق وأعدل منهج، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إنه لما صدق أهل الإيمان مع ربهم جل جلاله تكفل بحفظهم ودفع الشرور عنهم، ومن أمثلة ذلك قصة الثلاثة الذين إنطبق عليهم غار لما التجئوا إليه سبحانه بعد أن أصابهم المطر، فقال أحدهم “والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق، فليدعو كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه ففرج الله عنهم فخرجوا” رواه البخاري.

وعن شداد بن الهاد رضي الله عنه أَن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به، واتبعه ثم قال أهاجر معك، فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أَصحابه فلما كانت غزوة، غنم النبي صلى الله عليه وسلم سبيا فقسم وقسم له، فأعطى أصحابَه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم فلما جاء دفعوه إليه، فقال ما هذا؟قالوا قسم قسمه لك النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ما هذا؟ قال “قسمته لك” قال ما على هذا إتبعتك ولكني إتبعتك على أن أرمى إلى ها هنا، وأشار إلى حلقه بسهم فأموت فدخل الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم ” إن تصدق الله يصدقك ” فلبثوا قليلا ثم نهضوا في قتال العدو، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم يُحمل قد أصابه سهم حيث أشار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “أَهو هو ؟”

قالوا نعم قال صلى الله عليه وسلم ” صدق الله فصدقه ” ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جُبة النبي صلى الله عليه وسلم ثم قدمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته ” اللهم هذا عبدك خرج مهاجرا في سبيلك فقتل شهيدا أنا شهيد علي ذلك ” نعم صدق مع الله فصدقه، وهكذا أيها الأفاضل حال كل من صدق مع الباري سبحانه، يعطيه ما يتمنى في الدنيا أو الآخرة، أو معا، فهو سبحانه الكريم الجواد، وفي حالة التربية والتعليم فإن هناك مشكلة كبيرة تنشأ عندما يتدخل بعض الأساتذة والمعلمين لفرض رغباتهم، بل وأذواقهم على التلاميذ أو عندما ترتفع أصواتهم مطالبين التلاميذ بقائمة طويلة من الأوامر المعقولة وغير المعقولة والتي هي من إختصاصه ومن غير إختصاصه، وإن حاول التلاميذ التعبير عن رغباتهم وأذواقهم الخاصة.

يتعرضون لأنواع مختلفة من الزجر بإسم أن الأستاذ كبير وأن التلميذ صغير، وإننا جميعا نحب ونتمنى أن يظهر تلاميذنا في أحسن صورة وأن يتفوقوا ويحتلوا أفضل المناصب، ولكن ذلك لا يجوز أن يكون مبررا للقسوة عليهم، أو بمعنى آخر لا يجوز أن يسمح لنا ذلك بتجاهل رغباتهم وأذواقهم ودفعهم نحو ما نريد بالقوة وبلا إقناع، ولنكن على يقين دائم أنه ليس في مقدور أي إنسان أن يصقل شخصية إنسان آخر إذا لم يكن الطرف الآخر مقتنعا بما يراد منه، فكل ما علينا القيام به هو أن نساعد تلاميذنا لإكتشاف ذواتهم وبالتالي سوف يصلون إلى ما هو الأصلح لهم ولإمكانياتهم ويجب أن ننتبه إلى الفرق بين التشجيع والإجبار نحو تحقيق هدف ما، فالتشجيع يرفع من معنويات التلاميذ وهو شيء إيجابي، أما الإصرار والإجبار على القيام بعمل ما فإنه يحط من إحترامهم لأنفسهم وهو شيء سلبي، وصحيح أن هذه الملاحظة تهم الأسرة والبيت والوالدين بالدرجة الأولى لكنها مهمة كذلك للمدرسة والمعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.