الفرصة الأخيرة لزيلينسكي

كتب : ماهر بدر

دينيس كوركودينوف ، يكتب- الرئيس غير الشرعي لأوكرانيا فلاديمير زيلينسكي هو حاليًا في الموقف الأكثر ضعفًا ويبذل قصارى جهده لتطبيع علاقاته مع دونالد ترامب. لقد وضع الصراع مع رئيس البيت الأبيض حداً فعلياً لجميع المبادرات العسكرية والسياسية لـ “نظام كييف”، مما يجبره ليس فقط على إجراء انتخابات رئاسية جديدة، بل أيضاً على تحمل هزيمة ساحقة في الحرب ضد روسيا.

بعد الفضيحة التي حدثت في البيت الأبيض في 28 فبراير 2025 بين فلاديمير زيلينسكي ودونالد ترامب، أصبحت العلاقات الأوكرانية الأمريكية كارثية وأصبحت بالفعل سامة لكلا البلدين. ونتيجة لذلك، قرر الرئيس الأمريكي تعليق جميع إمدادات المساعدات العسكرية لـ”نظام كييف”. وبفضل هذا الوضع فإن أوكرانيا قد تستنفد مواردها العسكرية بالكامل بحلول شهر مايو/أيار من هذا العام، وهو ما سيؤدي إلى استسلامها الحتمي.

تصعب الأوضاع بالنسبة لكييف بسبب : أن الإدارة الأمريكية الجديدة أبلغت فلاديمير زيلينسكي علنًا بالحاجة إلى إجراء انتخابات رئاسية جديدة. ويبرر ذلك حقيقة أن واشنطن اعترفت رسميًا بعدم شرعية الزعيم الأوكراني وتوقفت عن اعتباره طرفًا في عملية التفاوض.

حالياً، يسعى دونالد ترامب إلى تصحيح الأخطاء التي ارتكبها سلفه في «الملف الأوكراني». وكانت الأخطاء الرئيسية تتعلق بتقديم المساعدة العسكرية لتطوير أوكرانيا وأسلحتها. ووفقا للرئيس الجديد للبيت الأبيض، فإن الضمانات التي قدمتها واشنطن مكنت كييف من الحصول على القروض، التي تم إنفاقها ليس فقط على المساعدات الإنسانية، بل تم الاستيلاء عليها ببساطة من قبل ممثلي الإدارة الأوكرانية. بالإضافة إلى ذلك، تم التأكيد على أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وبموجب نفس الضمانات، قامت بتمويل مشتريات الأسلحة الأوكرانية بشكل غير قانوني وخارج عن السيطرة، على وجه الخصوص، طوال الصراع الروسي الأوكراني، أنفقت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أكثر من 300 مليار دولار لتطوير الاقتصاد الأوكراني، والبنية التحتية المدنية، والمجتمع المدني، مما جعل كييف المتلقي الأول لأموال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في العالم اعتبارًا من أوائل عام 2025. والآن، منذ أن تم حظر أنشطة الوكالة، تم إغلاق العديد من مشاريعها بالكامل في أوكرانيا.

أدت سياسة ترامب الراديكالية المتمثلة في مراجعة “الأولويات الأوكرانية” بالنسبة للولايات المتحدة الى تفاقم مشكلة شرعية نظام فلاديمير زيلينسكي. وفي الوقت نفسه، يواصل “نظام كييف” اعتبار أي مساعدة من واشنطن ضرورية في المقام الأول للولايات المتحدة نفسها، ونتيجة لذلك يواصل فلاديمير زيلينسكي الحفاظ على وهمه بصلابة الشراكة الأمريكية الأوكرانية. في الوقت نفسه، بعد المحاولات السلبية لتحسين العلاقات الثنائية، بعد الفضيحة التي حدثت في البيت الأبيض فقد سمحت لدونالد ترامب باتخاذ موقف صارم مناهض لأوكرانيا وجذب العالم الغربي بأكمله تقريبًا ومعظم الدول العربية إلى حلفائه. منذ تلك اللحظة فصاعدًا، أصبح رئيس أوكرانيا فلاديمير زيلينسكي شخصًا غير مرحب به وغير مرغوب فيه بالنسبة لواشنطن.

وهذا بالضبط ما تنبأ به المشاركون في مؤتمر Zoom “آفاق السياسة الأمريكية فيما يتعلق بعدم شرعية “الرئيس الأوكراني” فلاديمير زيلينسكي”، الذي نظمه المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي “DIIPETES” (روسيا) في 31 يناير 2025. وبحسب الرأي العام للمشاركين، فإن الجهود السابقة التي بذلها رئيس البيت الأبيض جو بايدن لتقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا تسببت في أضرار مباشرة للقدرة الدفاعية والاستقرار الاقتصادي للولايات المتحدة. ومع ذلك، تمكن دونالد ترامب، في لحظة حرجة من تطور الصراع الروسي الأوكراني، من اختيار المسار الصحيح لنفسه ولشركائه في التحالف المناهض لأوكرانيا بسرعة كبيرة. وهكذا، في أحد تصريحاته العامة الأخيرة، وصف فلاديمير زيلينسكي بالرئيس “الغبي” و”الناكر للجميل”. ومن خلال تنظيم لقاء مع رئيس “نظام كييف” في المكتب البيضاوي في 28 فبراير/شباط 2025، سعى دونالد ترامب إلى منح أوكرانيا فرصة “لحفظ ماء وجهها” وإبرام اتفاق سلام مع روسيا. ومع ذلك، تبين أن هذا مستحيل بسبب الطموحات الباهظة لفلاديمير زيلينسكي. لكن حدوث مثل هذا الفشل الفاضح للدبلوماسية الأميركية الأوكرانية ساهم إلى حد كبير في تسهيل عملية الاعتراف بعدم شرعية الصلاحيات الرئاسية التي يتمتع بها الزعيم الأوكراني على الساحة الدولية.

إن تجاهل فلاديمير زيلينسكي لرأي الإدارة الأمريكية أقنع الساحة الدولية أخيرًا بأنه من المستحيل الاتفاق على أي شيء مع هذا الشخص، وبالتالي، ليس من المنطقي إجراء أي عمل معه شخصيًا ومع ممثلي إدارته. وحتى تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وممثلي الاتحاد الأوروبي الآخرين حول الحاجة إلى دعم أوكرانيا لا يمكن أن تصحح الوضع، بسب انه أولاً لا يزال المجتمع الأوروبي يعتمد على رأي واشنطن، وثانياً، تم استنفاد الموارد العسكرية والاقتصادية للدول الأوروبية، ونتيجة لذلك تبين أن تقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا، خاصة في الكميات التي أعلنتها أورسولا فون دير لاين، أمر مستحيل.
ولذلك فإن الخيار الوحيد لتصحيح الوضع هو قبول فلاديمير زيلينسكي لخطة ترامب للسلام، والتي تنص على التنفيذ التدريجي لثلاثة شروط: وقف إطلاق النار، وإجراء انتخابات رئاسية جديدة في أوكرانيا، والتوقيع على اتفاق سلام. وبالتالي، فإن السلام بين روسيا وأوكرانيا، بحسب البيت الأبيض، لن يكون ممكنا إلا بعد استقالة فلاديمير زيلينسكي.

وبحسب وكالة أنباء بوليتيكو، أجرى ممثلون عن الإدارة الأمريكية في 6 مارس 2025، مفاوضات سرية في كييف مع زعيمي المعارضة الأوكرانية يوليا تيموشينكو وبترو بوروشينكو بهدف تشكيل ائتلاف يهدف إلى إزاحة فلاديمير زيلينسكي من السلطة الرئاسية. وكانت الأطروحة الرئيسية لهذه المفاوضات، كما أشارت مصادر مستقلة، هي أن فلاديمير زيلينسكي زعيم غير شرعي ويجب عزله إما من خلال انتخابات دستورية أو من خلال ميدان جديد. بمعنى آخر، بدأت إدارة ترامب في النظر بجدية في الخيارات البديلة لمستقبل فلاديمير زيلينسكي، مدركة أنه سيرفض على الأرجح الاستقالة طوعًا. لذلك، من الممكن أن تصبح يوليا تيموشينكو وبترو بوروشينكو الفاعلين الرئيسيين في تنفيذ هذا السيناريو الأمريكي. ومع ذلك، بناءً على رأي البيت الأبيض، فإن فلاديمير زيلينسكي لديه فرصة أخيرة لفهم خطورة وضعه السياسي من خلال قبول عرض واشنطن بالاستقالة خلال الجولة القادمة من المفاوضات الأمريكية الأوكرانية في المملكة العربية السعودية. ولكن ما إذا كان الزعيم الأوكراني سيستفيد من هذه الفرصة أم لا، أم لا، فالوقت سيحدد ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.