بقلم / محمــــد الدكــــروري
لقد أمرنا النبي الكريم صلي الله عليه وسلم بالتحلي بالأخلاق الكريمة الفاضلة ووضح لنا العلماء بأن الأخلاق في الإسلام عبارة عن المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني والتي يحددها الوحي لتنظيم حياة الإنسان على نحو يحقق الغاية من وجوده في هذا العالم على الوجه الأكمل والأتم ويتميز هذا النظام الإسلامي في الأخلاق بطابعين فالأول هو أنه ذو طابع إلهي، بمعنى أنه مراد الله سبحانه وتعالى، والثاني أنه ذو طابع إنساني، أي أن للإنسان مجهود ودخل في تحديد هذا النظام من الناحية العملية، وهذا النظام هو نظام العمل من أجل الحياة الخيرية وهو طراز السلوك وطريقة التعامل مع النفس والله والمجتمع، وهو نظام يتكامل فيه الجانب النظري مع الجانب العملي منه.
وهو ليس جزءا من النظام الإسلامي العام فقط، بل هو جوهر الإسلام ولبه وروحه السارية في جميع نواحيه، إذ النظام الإسلامي على وجه العموم مبني على مبادئه الخلقية في الأساس، بل إن الأخلاق هي جوهر الرسالات السماوية على الإطلاق، فالرسول الكريم صلى الله وسلم يقول ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” رواه أحمد، وأن الله عز وجل في القرآن الكريم نعى على أهل الكتاب أنهم جعلوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله عز وجل، فقال تعالى فى سورة التوبة ” اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون” فإن كلام الأشخاص لا يحلل حراما، ولا يحرم حلالا، فالحلال ما أحله الله والحرام ما حرمه اللهز
والتحليل والتحريم من حق الله وحده، فالأنبياء يبلغون، والعلماء يبينون، والمشرع هو الله تعالى، فهذه قواعد خطيرة وأساسية في علوم الدين، وقد جاء عدى بن حاتم إلى النبى صلى الله عليه وسلم وكان قد اتبع النصرانية قبل الإسلام، فلما سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية من سورة التوبة ” اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون” فقال يا رسول الله إنهم لم يعبدوهم، فقال صلى الله عليه وسلم بلى إنهم حرموا عليهم الحلال، وأحلوا لهم الحرام، فتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم” فأنت عندما تلتقي مع إنسان لا تقول إنه إله، أما حين يأمرك بما تخالف الشرع وتنصاع له فأنت عاملته كإله، جعلته إلها لا بلسانك بل بسلوكك.
فقد أمرك بقطيعة الرحم، مثلا وانصعت له، فأنت ماذا فعلت؟ أنت خالفت شرع الله عز وجل واتبعته، أنت ما قلت إنه إله لكن اتباعك إياه بما يخالف الشريعة جعلته إلها وأنت لا تدري، فقال يا رسول الله إنهم لم يعبدوهم قال صلى الله عليه وسلم” بلى إنهم حرموا عليهم الحلال، وأحلوا لهم الحرام، فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم” وهناك رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم ” ألا إنهم لم يكونوا يعبدوهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه” فإن العلماء الورعون يكرهون أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام إلا ما كان بينا بلا تفصيل بينا، والآن لو أردنا أن نطبق هذه القاعدة، لو فرضنا إنسان له موجه ديني، هذا الموجه أمره أمرا مخالفا للقرآن، أو خلاف السنة، وطبقه، ماذا فعل هذا الإنسان؟
عبده من دون الله، فإن العلماء لا يفتون إلا بما كان فيه دليل قطعي، لذلك روى الإمام الشافعي في كتابه الأم عن القاضى أبي يوسف صاحب أبي حنيفة قال “أدركت مشايخنا من أهل العلم يكرهون الفتية” فإن العلماء لا يفتون إلا بما كان فيه دليل قطعي، لذلك روى الإمام الشافعي في كتابه الأم عن القاضي أبي يوسف صاحب أبي حنيفة قال “أدركت مشايخنا من أهل العلم يكرهون الفتية” وإن الحقيقة أجرؤوكم على الفتية، فقد أجرؤوكم على النار، وأن يقولوا هذا حلال وهذا حرام، كلمة كبيرة جدا، وأن تقول هذا حلال وهذا حرام، طبعا إذا كان هناك دليل يقينى كالشمس تقول له هذا حلال، وإذا قال لك اسرق، تقول له حرام، طبعا القصد هنا الشبهات.