بقلم / محمـــد الدكـــروري
هل لنا أن نلتفت إلى بعض الجوانب مذكرين ومتذكرين لنرى إمكانية الإسهام في خير قد يحققه المولى الكريم على أيادي بعض المقتدرين والمتمكنين ممن لو راجعوا أنفسهم، واستشعروا عظيم فضل الله عليهم في إحسانهم وتسهيلهم لغيرهم، لو فعلوا ذلك، ووصلوا وأوصلوا، ونالوا سعادة يشعر بها كل صادق وفقه الله في إيصال ملتعج صادق، سعادة لا تقل عن سعادته التي يشعر هو بها حينما يزور بيت الله الحرام، والإنسان المقتدر على الحج كل عام أو أغلب المواسم، ممن آتاه الله من فضله، ورزقه مالا وقدرة أليس من الخير العميم والإحسان العظيم أن يسهم في تمكين عاجز عن الوصول، ويجعله الله سببا لتحقيق أماني أناس.
قد يحملون من القلوب الصادقة والأرواح الصافية ما قد يوصله الله بدعوة من أحدهم إلى مراتب الأولياء والمقربين، وقد ينال بها ما لم ينل من حججه وزياراته كلها والله هو العليم الخبير، وإن شعيرة الدعاء والذكر في مزدلفة أتى بها النبي صلى الله عليه وسلم، وفي العودة إلى منى بعد مزدلفة استمرار في التلبية إلى بلوغ جمرة العقبة، وبرمي الجمرة انتقال من ذكر إلى آخر لتستوعب مناسك الحج، أنواع الذكر التي ترسخ التوحيد، وتملأ القلوب هيبة لله تعالى وعظمة وإجلالا ومحبة وخوفا ورجاء فمن التلبية إلى التكبير، ومن الإحرام إلى الإحلال، وفي رمي الجمرات أيام التشريق تكبير وموقف للدعاء طويل.
فيكون في كل مشعر من مشاعر الحج ذكر ودعاء وتوحيد لأن غاية الحج ترسيخ التوحيد في القلوب، ولا ينصرف الحجاج من مكة حتى يئوبوا إلى البيت مرة أخرى طائفين ذاكرين مودعين لتختم مناسك الحج بالذكر والتوحيد كما افتتحت بالتلبية وهي أدل شيء على التوحيد، وإن من مواطن ذكر الله تعالى في الطواف، فإذا دخل المسجد الحرام، دعا بدعاء دخول المسجد، ورويت أحاديث مرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم وآثار موقوفة على الصحابة في رفع اليدين، والدعاء عند رؤية الكعبة، ولا يصح منها شيء، فأول الذكر هو التكبير عند الحجر الأسود في بداية الطواف، ففي أول كل شوط يستحب أن يقول الله أكبر.
فعن ابن عباس رضى الله عنهما “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت وهو على بعير، كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء في يده وكبر” رواه البخارى، وإن زاد مع التكبير، بسم الله، فقال بسم الله والله أكبر، فحسن فقد كان ابن عمر رضى الله عنهما يفعل ذلك فعن نافع “أن ابن عمر كان إذا استلم الركن، قال بسم الله والله أكبر” فالتكبير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والبسملة من قول ابن عمر، ولم يثبت ذكر آخر عند الحجر الأسود، وقد روي عن بعض الصحابة أنهم إذا أرادوا أن يستلموا الحجر، قالوا اللهم إيمانا بك، وتصديقا بكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ولا يصح.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود “ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار” فعن عبدالله بن السائب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين الركنين ” ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار” رواه أحمد، فيستحب في الطواف أن يذكر الطائف الله تعالى ويدعوه، وإن قرأ القرآن، فحسن، وما يذكره بعض الناس من دعاء معين في بعضِ الأماكن، وفي كل شوط، فلا أصل له، فالثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف التكبير “ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، بين الركن اليماني والركن الأسود”