الدكروري يكتب عن يوم العدل المطلق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد إن الإسلام هو التعبد لله سبحانه وتعالى بما شرع، والإستسلام له بطاعته ظاهرا وباطنا، وهو الدين الذي امتن الله تعالي به على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته، وجعله دين البشرية كلها إلى قيام الساعة، ولا يقبل من أحد سواه، وإن هذه الحياة الدنيا هى دار شقاء وتعب وهى دار سعي وعمل، ودار جد واجتهاد، وإن الآخرة هى دار حساب وجزاء، وإن يوم القيامة هو يوم العدل المطلق، فيه توفى الحقوق وتسترد المظالم، فإذا كان الإنسان في هذه الحياة يسعى ليجمع ثروة من المال يعيش بها في هناءة وسعادة، وتغنيه عن الحاجة للعباد، فإن طالب النجاة يوم القيامة أولى أن يسعى ليجمع ثروة من الحسنات ينال بها سعادة الآخرة، ويفوز بها بالجنة “في مقعد صدق عند مليك مقتدر”

ولئن كان الإنسان في الدنيا يبذل جهده ليحمي ماله ويحفظ نفسه من الفلس، فإن طالب النجاة أولى أن يحمي حسناته من الضياع يوم القيامة وألا يكون من المفلسين يوم الدين، ولنا الوقفة مع شخصية الإنسان المسلم، فهى شخصية كما أرادها دينه أن تكون، فكيف يكون المسلم مع ربه؟ وكيف يكون مع نفسه؟ وكيف يكون مع والديه؟ وكيف يكون مع زوجته وأولاده؟ وكيف يكون مع أقاربه وذوي رحمه وجيرانه؟ وكيف يكون مع مجتمعه؟ فهناك أشياء محرمة لها بديل شرعى رائع، فما من شيء محرم إلا له بدائل كثيرة، لكن العلة فينا لا نريد منهج الله أما لو أردنا منهج الله فكل شيء حرمه الله له بديل، فقال تعالى كما جاء فى سورة النساء.

” يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم، والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما، يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا” فما أدى إلى الحرام فهو حرام، فإن القاعدة الأخرى تقول أنه ما أدى إلى الحرام فهو حرام، فالزنا حرام ومقدماته حرام، فالنظر حرام، والخلوة حرام، والأدب الساقط حرام، والمشاهدات الماجنة حرام، فكل ما أدى إلى حرام فهو حرام، والخمر حرام، وبيعها حرام، وأن تجلس مع شارب خمر حرام، وأن تعصرها، وأن تنقلها، وأن تعلن عنها، وأن تتاجر بها، فكل ما أدى إلى حرام فهو حرام، ولذلك قاعدة أوسع مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب، مالا يتم الفرض به فهو فرض، ما أدى إلى حرام فهو حرام، الوضوء فرض لماذا؟ لأن الصلاة لا تصح إلا به.

فالصلاة فرض والوضوء فرض، والنبى صلى الله عليه وسلم قال لعن الله الخمر وشاربها وعاصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها، وهكذا فما أدى إلى حرام فهو حرام فإن الأصل في هذا الموضوع هو تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، فإذا قال إنسان أنا عندي بيت أستثمره كل ليلة خمسة آلاف، وأنا لا دخل لى، إن شاء الله في رقبتهم، وإن هذا البيت يتم فيه الزنا، والبيت بيتك، وأنت مسؤول، وأنت لك نصيب من هذا الإثم، لأنك قدمت المكان، لذلك هذه الآية أصل ” ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” فلا تساهم لا من قريب ولا من بعيد، ولا تقدم مشورة ولا نصيحة، وأيضا إذا كنت تعمل تزيينات لملهى، أنت ساهمت فى هذا المكان الذى يعصى الله فيه، فلا كهرباء ولا تزيين فقال الله تعالى فى سورة المائدة ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”

إذن ما أدى إلى حرام فهو حرام، وأيضا فإن التحايل على الحرام حرام، ومثال ذلك إذا قلت أنا لا أتعامل بالربا لكن آتى بسجادة، يأتينى الذي يطلب القرض الربوى أقول له هل تشترى هذه السجادة مثلا بمبلغ ثلاثة الاف ؟ يقول نعم، يشتريها بالدين، فإذا اشتراها دين يقول لى هل تشتريها نقدا؟ أقول له نعم أشتريها بألفين وأكتب في دفترى ثلاثة الاف ثمن سجادة بيعت بالدين، واشتراها دينا وباعني إياها نقدا، وأنا بعت واشتريت، فهذا ربا لكن بسورة بيع وشراء، فإن هذا هو التحايل والتحايل على الحرام حرام، وقيل مثلا إن أراد شاب أن يسكن مثلا مع أخوه وزوجة أخوه، وزوجة الأخ أجنبية ما هو الحل؟ فيقول لك أحدهم هذه سهلة، فتاة صغيرة، عمرها سنتان من بيت الجيران، يطلب من امرأة أخيه أن ترضعها.

ثم يخطب هذه الفتاة، تصبح زوجته وأمها حماته، يطلقها بعد ساعة، الحماة محرمة على التأبيد، جلس معها، انتهت المشكلة، فهذا هو التحايل على الحرام وهو حرام، فإن اليهود ماذا فعلوا؟ حرم عليهم الصيد يوم السبت، فجعلوا حفرا على شاطئ البحر يوم الجمعة تأتى الحيتان إلى هذه الحفر، الجمعة مساء يغلقون طريق العودة، الحيتان حصرت في هذه الأحواض، يصطادونها يوم الأحد، الله عز وجل ذكر هذا في القرآن الكريم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.