بقلم/ محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما جاء في كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن سيد مكة عمرو بن لحي الخزاعي، أسوء شخصية في التاريخ، الذي أدخل الأصنام مكه وعبدوها الناس من دون الله، وكان من بين هذه الأصنام هو صنم يغوث والذي ورد أن بعض الجاهليين تسموا بأسماء تعبدوا فيها ليغوث مثل عبد يغوث، ومنهم من كان في مذحج، ومنهم من كان في قريش، ومنهم من كان في هوازن، وقد كان اسم قائد جيش بنو الحارث هو عبد يغوث الحارثي في يوم الكلاب الثاني، التي دارت بينهم وبين تميم، وذلك كما كان لدريد بن الصمة أخ اسمه عبد يغوث، ومن الغريب أنه لم يذكر أيا من الرواة عن مصير هذا الصنم وكيفية القضاء على مظاهر عبادته وهدم بيته.
حتى إن ابن الكلبي قد أهمل ذكر ذلك في كتابه، فمصيره إلى الآن يعتبر مجهولا، وأما عن الصنم يعُوق فهو عنهم من الآلهة الخمسة التي ذكرها القرآن عند قوم نوح عليه السلام، وهو أحد أهم الآلهة التي عبدها العرب في الجاهلية، وقد كان يعوق على صورة فرس مصنوعا من الصفر والرصاص، واسمه مشتق من الفعل عاق، أي ثبطه، مما يوحي بأنه كان إلها معيقا، وكان الأصل في عبادة الصنم يعوق أن عمرو بن لحي الخزاعي استخرج تمثاله من شط جدة، مع تماثيل أربعة آلهة أخرى وهم ود وسواع ويغوث ونسر، ووزع تلك التماثيل على القبائل العربية في موسم الحج، فجاء مالك بن مرثد الهمداني، فأعطاه عمرو تمثال يعوق فنصبه في موضع خيوان بالقرب من صنعاء، فعبدته قبيلة مذحج.
ومن والاها من أهل اليمن، وتقول رواية أخرى قد أوردها الطبري، أن عبادة يعوق كانت في كهلان توارثتها الأجيال إلى أن استقرت عبادته في مذحج، ويذكر أن عبادة يعوق لم تكن منتشرة بين العرب عامة ويظهر أنها كانت محصورة على قبيلة همدان، التي عبدت مذحج بشكل رئيسي، ولم يذكر الإخباريون أن العرب تسمت بأسماء تتعبد فيها ليعوق مثل عبد يعوق أو أمة يعوق، بل أن ورد بيت شعر ينسب إلى مالك بن نبط الهمداني الملقب بذي المعشار يذم عبادة يعوق ويدعو إلى عبادة الله وحده سبحانه وتعالى، وأما عن الصنم نسر أو نسرا فهو أحد آصنام قوم نوح عليه السلام، وهو أول من قدمه للعرب كان عمرو بن لحي ويشبه في شكله النسر، وهكذا انتشرت الأصنام في جزيرة العرب حتى صار لكل قبيلة منها صنم.
ولم تزل تلك الأصنام تعبد من دون الله تعالى، حتى جاء الإسلام، وبُعث بالنبى الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فقام بتطهير البيت الحرام من الأصنام، وبعث السرايا لهدم البيوت التي أقيمت للأوثان، فبعث القائد خالد بن الوليد لهدم بيت العزى وهي الطاغوت الأعظم لدى قريش بمنطقة نخلة، وبعث الصحابى الفارس سعد بن زيد لهدم بيت مناة التي كانت على ساحل البحر الأحمر، وبعث الصحابى القائد عمرو بن العاص إلى سواع التي تعبدها هذيل، فهدمت جميعها.