بقلم / محمـــد الدكـــروري
روي عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه أن معاذ بن جبل دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد، فسجد معه، فلما سلم، قضى معاذ ما سبقه، فقال له رجل كيف صنعت ؟ سجدت ولم تعتد بالركعة، قال لم أكن لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حال إلا أحببت أن أكون معه فيها، فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فسره، وقال “هذه سنة لكم” وعن الشعبى قال قرأ عبد الله إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا، فقال له فروة بن نوفل إن إبراهيم، فأعادها، ثم قال إن الأمة معلم الخير، والقانت المطيع، وإن معاذا رضي الله عنه كان كذلك، وعن محمد بن سهل بن أبي حثمة عن أبيه قال كان الذين يفتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة من المهاجرين عمر بن الخطاب.
وعثمان بن عفان، وعلى بن أبى طالب، وثلاثة من الأنصار أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن حارثه، وقيل أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان يستشير هؤلاء، فذكر منهم معاذا، وروى موسى بن علي بن رباح، عن أبيه، قال خطب عمر الناس بالجابية فقال من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل، وعن أبي سفيان، قال حدثني أشياخ منا أن رجلا غاب عن امرأته سنتين فجاء وهي حبلى، فأتى عمر، فهم برجمها، فقال له معاذ إن يك لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل، فتركها، فوضعت غلاما بان أنه يشبه أباه قد خرجت ثنيتاه، فقال الرجل هذا ابني فقال عمر عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ، لولا معاذ لهلك عمر، وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول حين خرج معاذ إلى الشام لقد أخل خروجه بالمدينة وأهلها في الفقه.
وفيما كان يفتيهم به، ولقد كنت كلمت أبا بكر الصديق أن يحبسه لحاجة الناس إليه، فأبى علي وقال رجل أراد وجها يعني الشهادة فلا أحبسه، قلت إن الرجل ليرزق الشهادة وهو على فراشه، وعن شهر بن حوشب، قال كان أصحاب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إذا تحدثوا وفيهم معاذ، نظروا إليه هيبة له، وعن عبد الرحمن بن كعب قال كان معاذ شابا جميلا سمحا من خير شباب قومه، لا يسأل شيئا إلا أعطاه، حتى كان عليه دين أغلق ماله كله، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكلم له غرماءه ففعل، فلم يضعوا له شيئا، فلو ترك أحد لكلام أحد لترك لمعاذ لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبرح حتى باع ماله، وقسمه بينهم فقام معاذ ولا مال له، ثم بعثه على اليمن ليجبره.
فكان أول من تجر في هذا المال، فقدم على أبي بكر فقال له عمر هل لك يا معاذ أن تطيعني ؟ تدفع هذا المال إلى أبي بكر، فإن أعطاكه فاقبله، فقال لا أدفعه إليه، وإنما بعثني نبي الله ليجبرني، فانطلق عمر إلى أبى بكر، فقال خذ منه ودع له، قال ما كنت لأفعل، وإنما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجبره، فلما أصبح معاذ، انطلق إلى عمر فقال ما أراني إلا فاعل الذى قلت، لقد رأيتنى البارحة، أظنه قال أجر إلى النار، وأنت آخذ بحجزتي، فانطلق إلى أبي بكر بكل ما جاء به، حتى جاءه بسوطه، وقال أبو بكر هو لك لا آخذ منه شيئا، وفي لفظ قد وهبته لك، فقال عمر هذا حين حل وطاب، وخرج معاذ عند ذلك إلى الشام، فقال معاذ بدل أجر إلى النار، كأنى في ماء قد خشيت الغرق فخلصتنى.