الدكروري يكتب عن مجلس رسول الله

بقلم / محمـــد الدكـــروري

السبت الموافق 10 فبراير 2024

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد لقد كان مجلس رسول الله صلي الله عليه وسلم مجلس علم، وحلم وحياء وأمانة وصيانة وصبر وسكينة ولا ترفع فيه الأصوات، ولا تنتهك فيه الحرمات يتفاضلون في مجلسه بالتقوى ويتواضعون ويوقرون الكبار ويرحمون الصغار ويؤثرون المحتاج ويخرجون دعاة إلى الخير وكان صلى الله عليه وسلم يجلس على الأرض ويأكل على الأرض وكان يمشي مع الأرملة والمسكين والعبد، حتى يقضي له حاجته، ومر على الصبيان يلعبون فسلّم عليهم.

وكان لا يصافح النساء غير المحارم، وكان صلى الله عليه وسلم يتألف أصحابه ويتفقدهم، ويكرم كريم كل قوم، ويقبل بوجهه وحديثه على من يحدثه، حتى على أشر القوم يتألفهم بذلك، وخدمه أنس بن مالك رضي الله عنه عشر سنين قال فما قال لي أف قط، وما قال لي لشيء صنعته لِما صنعته، ولا لشيء تركته لِما تركته، وكان من أحسن الناس خُلقا ولامسست خزّا، ولا حريرا، ولا شيئا كان ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت مسكا قط ولا عطرا أطيب من عرق النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا ولا يجزي بالسيئة السيئة بل يعفو ويصفح ويحلم، ولم يضرب خادما ولا امرأة ولا شيئا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله تعالى، وما خُيّر بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما.

فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه، وقد جمع الله له كمال الأخلاق ومحاسن الشيم وآتاه من العلم والفضل وما فيه النجاة والفوز والسعادة في الدنيا والآخرة ما لم يؤت أحدا من العالمين، وهو أمّي لا يقرأ ولا يكتب، ولا معلم له من البشر، واختاره الله على جميع الأولين والآخرين، وجعل دينه للجن والناس أجمعين إلى يوم الدين، فصلوات الله وسلامه عليه صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين فإن خلقه كان القرآن، واعلموا يرحمكم الله إن فقهاء التربية الإسلامية يقومون بتربية الأمة على التوحيد بشموله، ويهتمون بكل جوانب العقيدة والعملية، ويركزون في معالجة الانحرافات العقائدية في الأمة على الانحرافات الواقعية القائمة في الأمة في هذا العصر؟ ففي توحيد الربوبية يقوم فقهاء التربية الإسلامية بتعريف الأمة بربها الحق.

من خلال آياته المبثوثة في الكون كما هي طريقة القرآن الكريم حتى يصير الإيمان بربوبيته عز وجل أمرا راسخا في قلوب الأمة، مؤثرا في نفوسها، متحركا في واقعها، وليس معرفة نظرية باردة في ثلاجات الأذهان، وفي توحيد الأسماء والصفات يقوم فقهاء التربية الإسلامية بتربية الأمة على التعرف على الله عز وجل بأسمائه وصفاته، والثناء عليه سبحانه بها، وأخذ حظهم من عبوديتها جميعا فأكمل الناس عبودية هو المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر، فلا تحجبه عبودية اسم عن عبودية اسم آخر، فلا يحجبه التعبد باسمه القدير عن التعبد باسمه الحليم الرحيم، أو يحجبه عبودية اسمه المعطى من عبودية اسمه المانع أو عبودية اسمه الرحيم والعفو والغفور.

عن اسمه المنتقم بل يعبد الله ويدعوه بكل أسمائه كما أمر سبحانه وتعالي وما كان يسوغ الانصاف به من صفات الله عز وجل كالرحيم والكريم، يدرب العبد نفسه على الانصاف بما فيما يليق به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.