الدكروري يكتب عن ليلة لها فضل عظيم وخير جسيم

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الأربعاء الموافق 28 فبراير 2024

 

الحمد لله رب العالمين، يأرب، رضينا بقضائك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت، لا مانع لما أعطيت ولا راد لما قضيت وأشهد أن لا إله إلا الله، يقول في الحديث القدسي الجليل “يا ابن آدم كلكم مذنب إلا من عافيت فاستغفروني أغفر لكم، يا ابن آدم كلكم فقير إلا من أغنيت فاسألوني أعطكم، يا ابن آدم كلكم ضال إلا من هديت فاسألوني الهدى أهدكم، ومن استغفرني وهو يعلم أنني ذو قوة على أن أغفر له غفرت له ما كان منه ولا أبالي” تذكر جميلي منذ خلقتك نطفة، ولا تنس تصويري ولطفي في الحشا، وسلم إلى الأمر، وأعلم بأنني أدبر أحكامي، وأفعل ما أشاء وأشهد أن سيدنا ونبينا وعظيمنا وحبيبنا محمد رسول الله، هو إمام التائبين وسيد المستغفرين يقول حبيب الله “يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب إلى الله، وأستغفره كل يوم مائة مرة”

ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن ليلة نصف شعبان، فقال ابن الحاج المالكي في كتابه “المدخل” ليلة نصف شعبان وبالجملة فهذه الليلة، وإن لم تكن ليلة القدر فلها فضل عظيم وخير جسيم وكان السلف رضي الله عنهم يعظمونها ويشمرون لها قبل إتيانها فما تأتيهم إلا وهم متأهبون للقائها، والقيام بحرمتها على ما قد علم، من احترامهم للشعائر على ما تقدم ذكره هذا هو التعظيم الشرعي لهذه الليلة، وقال منصور البهوتى الحنبلى في كشاف القناع عن متن الإقناع، وفي استحباب قيامها أي ليلة النصف من شعبان وهو ما في إحياء ليلة العيد هذا معنى كلام عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي ثم الدمشقي في كتابه المسمى اللطائف في الوظائف، وقال الحافظ زين الدين ابن رجب البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي في “لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف”

وأما صيام يوم النصف منه فغير منهي عنه فإنه من جملة أيام البيض الغر المندوب إلى صيامها من كل شهر وقد ورد الأمر بصيامه من شعبان بخصوصه، وذكر ابن رجب أن ليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، ووافقهم على تعظيمها طائفة من عباد أهل البصرة وغيرهم، وقال ابن رجب أيضا فينبغي للمؤمن أن يتفرغ في تلك الليلة أي ليلة النصف من شعبان لذكر الله تعالى ودعائه بغفران الذنوب وستر العيوب وتفريج الكروب وأن يقدم على ذلك التوبة فإن الله تعالى يتوب فيها على من يتوب، ويتعين على المسلم أن يجتنب الذنوب التي تمنع من المغفرة وقبول الدعاء في تلك الليلة وقد روي أنها الشرك وقتل النفس والزنا.

وهذه الثلاثة أعظم الذنوب عند الله كما في حديث ابن مسعود المتفق على صحته، وإلى أولئك المشوشين الذين يحرمون إحياء ليلة النصف من شعبان بالصلاة والذكر والدعاء ولو فرادى، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل، وكان في السلف من يصلي فيها، فإن الله جعل مرور الأوقات تذكرة لعباده المؤمنين، وللمؤمن في كل وقت من الأوقات عبودية لله، ومن سعادة العبد أن يعرف شرف الزمن وقيمة الوقت، وأن يعرف وظائف الأوقات حتى يعمرها بطاعة الله، والمسلم دائما يهتم بواجب الوقت الذي هو فيه، ويغتنم الفرص في كل زمان ليحقق عبوديته لله سبحانه وتعالي التي خُلق من أجلها، نسأل الله أن يصلح ذريات المسلمين حتى يكونوا هداة مهتدين، ينصرون هذه الأمة ويزيلون عنها ما خنق أنفاسها من الجهل والضلال، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.