بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الأخلاق الحسنة هى علامة على كمال الإيمان، وإن نيل السعادة والعيش في أكنافها، لا يدرك بالمنصب ولا بالجاه ولا ينال بالشهوات ومتاع الحياة ولا بِجمال المظهر ورقيق اللباس، فإنه لا ينال إلا بلباس التقوى ورداء الخُلق، وعمل صالح وقول حسن، فقال تعالى فى سورة الحج ” اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون، وجاهدوا فى الله حق جهاده” فإن الأخلاق العظيمة هى سبب في محبة الله للعبد، وإذا أحبك الله وفقك وسددك وأعانك، فقال صلى الله عليه وسلم “أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقا” رواه الحاكم والطبراني، وإن أخطر شيء على أخلاق الناس هو هذه الدنيا بمتاعها ومغرياتها، بزخارفها وشهواتها من النساء والبنين، وإن الغلو في حب الدنيا هو رأس كل خطيئة.
والتنافس عليها أساس كل بلية، فإنه من أجل متاع الدنيا يبيع الأخ أخاه، ويقتل الابن أباه، ومن أجلها يخون الناس الأمانات وينكثون العهود، ومن أجلها يجحد الناس الحقوق وينسون الواجبات، وإن الكل مشتاق إلى الجنة، بل الكل يطمح إلى أعالي الجنان، لأن الجنة درجات، فمن أراد قصرا في أعلى الجنة فليحسن خلقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه” رواه أبو داود والطبراني، فأكثر ما يدخل الناس الجنة شيئان اثنان مهمان، تقوى الله وحسن الخلق، فتقوى الله وحسن الخلق سببان رئيسيان لدخول الجنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال.
“سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال صلى الله عليه وسلم “تقوى الله وحسن الخلق” وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال صلى الله عليه وسلم ” الفم والفرج” رواه الترمذي وأحمد وابن حبان وحسنه الألباني، فإن حسن الخلق هو أساس الخيرية والتفاضل بين الناس يوم القيامة، فهنيئا لصاحب الخلق مرافقة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة، ويا سعادة من كان مجلسه في الجنة قريبا من رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم “إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا” رواه الترمذي، وإن الناس يوم القيامة في وجل وفي خوف وفزع الكل يتمنى حسنة واحدة تنفعه في ذلك اليوم، الكل ينظر إلى ميزانيه هل سيثقل أم سيخف، فالمفلح من ثقلت موازينه.
والخاسر من خفت موازينه، فقال تعالى كما جاء فى سورة الأعراف ” والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون” فمن سيفلح ذلك اليوم يا ترى؟ فإنه صاحب الخلق الرفيع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق” رواه الترمذي وابن حبان وصححه الألباني، ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتثل أمر الله تعالى في كل شأنه قولا وعملا، ويأتمر بكل أخلاق حسنة ورد الأمر بها في القرآن الكريم، وينتهي عن كل أخلاق سيئة ورد النهي عنها في القرآن الكريم، لذا كان خلقه صلى الله عليه وسلم القرآن.