بقلم / محمــد الدكـــروري
وكانت كلها تحت إمرته، ومجموعها مائتا سفينة فقط، وسار هذا الجيش الإسلامي وفيه أشجع المجاهدين المسلمين، حيث كانت ذات الصواري أول معركة حاسمة في البحر خاضها المسلمون، أظهر فيها الأسطول الفتيّ الصبر والإيمان، والجَلد والفكر السليم بما تفتق عنه الذهن الإسلامي من خطة جعلت المعركة صعبة على أعدائهم، فاستحال عليهم اختراق صفوف المسلمين بسهولة، وحوّل العرب قتال البحر إلى قتال برّ، وربطوا السفن العربية بالسفن البيزنطية، وقيل أنه فى معركة ذات الصوارى صفّ عبد الله بن سعد المسلمين على نواحي السفن، وجعل يأمرهم بقراءة القرآن الكريم والصبر، فوثب الرجال على الرجال يتضاربون بالسيوف على ظهر السفن، فدارت الدائرة على الروم.
وانهزم فيها الإمبراطور قسطنطين الثاني، الذي حضر بنفسه المعركة، وفرّ يطلب النجاة، وسُميت هذه المعركة بذات الصواري لكثرة صواري السفن التي شاركت فيها من الطرفين، وقد عدّ المؤرخون هذه المعركة يرموكا ثانية، حيث انتصر المسلمون وأصبح البحر المتوسط بحيرة إسلامية، وصار الأسطول الإسلامي سيد مياه البحر المتوسط ، وكما غزا إفريقية عدة مرات سنة واحد وثلاثين وثلاثه وثلاثين من الهجرة حتى بلغ تونس، وبعد استشهاد الخليفة الراشد عثمان بن عفان اعتزل عبد الله السياسة ونجا بنفسه من الفتنة، وخرج إلى عسقلان فظل فيها عابدا حتى توفي بها سنة سبعه وثلاثين من الهجرة، فعن يزيد بن أبي حبيب قال خرج ابن أبي السرح إلى الرملة بفلسطين.
فلما كان عند الصبح قال اللهم اجعل آخر عملي الصبح، فتوضأ ثم صلى، فقرأ في الركعة الأولى بأم القرآن والعاديات، وفي الثانية بأم القرآن وسورة، ثم سلم عن يمينه ثم ذهب يسلم عن يساره فقبض الله روحه رضي الله عنه .