الدكروري يكتب عن طلب العلم وصلاة النافلة


بقلم / محمـــد الدكـــروري
السبت الموافق 16 ديسمبر

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد إن عظمة هذا الدين لا تخفى إلا على من جهل حقيقة الإسلام أو عميت بصيرته عنه أو كان به لوثة من هوى أو حقد مقيت وإلا فإن سماحة الإسلام في المعاملة وتيسيره في كل أموره، ظاهر بأدنى تأمل لمن طلب الحق وسعى إلى بلوغه والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، وإن اليسر مقصد من مقـاصد الدين الكبرى، جعله الله تعالى أساسا لكل ما أمر به ونهى عنه في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأمرنا أن نلتزمه في فهمنا للدين والعمل به والدعوة إليه.

ومفهوم اليسر في الاصطلاح هو تطبيق الأحكام الشرعية بصورة معتدلة كما جاءت في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، من غير تشدد يحرّم الحلال ولا تميّع يحلل الحرام، ويدخل تحت هذا المسمى السماحة والسعة ورفع الحرج وغيرها من المصطلحات التي تحمل المدلول نفسه واليسر أيضا هو فعل ما يحقق الغاية بأدنى قدر من المشقة، فعليكم أن تستعينوا على طاعة الله بالأعمال في هذه الأوقات الثلاثة فإن المسافر يستعين على قطع مسافة السفر بالسير فيها، فعليك بالعلم أيها الأخوة الكرام حيث قال الإمام الشافعى طلب العلم أفضل من صلاة النافلة، ورأى مالك بعض أصحابه يكتب العلم ثم تركه وقام يصلي، فقال عجبا لك ما الذي قمت إليه بأفضل من الذى تركته، وسئل الإمام أحمد أيما أحب إليك، أن أصلي بالليل تطوعا أو أجلس أنسخ العلم؟

قال إذا كنت تنسخ لتعلم أمر دينك فهو أحب إليّ، وقال أحمد أيضا العلم لا يعدله شيء، وقال معاذ بن عمران كتابة حديث واحد أحب إليّ من قيام ليلة، وقال معاذ بن جبل تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، لأن العلم سبيل منازل أهل الجنة، وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء، والمعين على الضراء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة وأئمة، تقتص آثارهم، ويقتدى بفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، ويستغفر لهم كل رطب ويابس، وحيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه.

لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظلم، وقوة الأبدان من الضعف، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار الأبرار والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، والتفكر فيه يعدل الصيام، ومدارسته تعدل القيام، به توصل الأرحام، ويعرف الحلال والحرام، وهو إمام العمل، والعمل تابعه، يلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء، والعالم الصالح مقدم في أبواب الفضل على العابد كما جاءت بذلك الأحاديث، فقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب” وإن جميع الخلق يشتركون في نعوت متشابهة في الأصل والخلقة، ويتبقى فضل العلماء مميزا لهم بين الناس كأنهم شامة في جبين المجتمع على الدوام، وحتى بعد الموت تنال بركات العلم أهله.

فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ” رواه مسلم، وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ” إني كنت وجار لي من الأنصار، في بني أميّة بن زيد، وهي من عوالى المدينة، وكنا نتناوب النزول على النبي صلى الله عليه وسلم فينزل يوما وأنزل يوما، فإذا نزلت جئته من خبر ذلك اليوم من الأمر وغيره، وإذا نزل فعل مثله” رواه البخاري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.