بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن الإمام أبي حنيفة النعمان، وعن المذهب الحنفي، وأما عن المتون المعتمدة، وهذه المتون تنقسم إلى متون معتمدة عند المتقدمين، ومتون معتمدة عند المتأخرين، والمراد بالمتقدمين قيل هم من أدرك الأئمة الثلاثة أبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمد بن الحسن الشيباني، والمتأخرون من لم يدركهم، وقيل أن الحد الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين، هو رأس القرن الثالث، فالمتقدمون قبله، والمتأخرون بعده أما المتون المعتمدة عند المتقدمين، فهي تلك التي صنفها كبار المشايخ والفقهاء، كأبي بكر الخصّاف وأبي جعفر الطحاوي والحاكم الشهيد وأبي الحسن الكرخي، وأبي بكر الجصّاص وغيرهم، فهذه المتون والمختصرات ملحقة بمسائل الأصول.
وظواهر الروايات في صحتها وثقة رواتها، ويقول العلامة المطيعي “فاللازم أن يأخذ بما في رواية الأصول، ثم بما في المتون والمختصرات، كمختصر الطحاوي، والكرخي، والحاكم الشهيد، فإنها تصانيف معتبرة، ومؤلفات معتمدة، قد تداولها العلماء” وأما المتون المعتمدة عن المتأخرين، فقد نص عليها ابن عابدين بقوله “المتون المعتبرة كالبداية، ومختصر القدوري، والمختار، والنقاية، والوقاية، والكنز، والملتقى، فإنها الموضوعة لنقل المذهب مما هو ظاهر الرواية، وهناك مختصر القدوري، لشيخ الحنفية في زمانه أبي الحسين القدُوري، وهو مختصر في الفروع جمع فيه الإمام القدوري الراجح من الروايات في كتب ظاهر الراوية، وهو الذي يطلق عليه لفظ الكتاب.
في المذهب، وقال حاجي خليفة في كشف الظنون “وهو متن متين معتبر متداول بين الأئمة الأعيان، وشهرته تغني عن البيان” وشروحه كثيرة جدا منها اللباب لجلال الدين اليزدي ومنها الترجيح والتصحيح على القدُوري لابن قطلوبغا الحنفي، وأيضا بداية المبتدي، وهو للإمام برهان الدين المرغيناني، وجمع فيه بين مختصر القدوري، والجامع الصغير لمحمد بن الحسن الشيباني، ثم قام بشرحه في مصنفه الشهير بالهداية، ومع الوقت صار الهداية كتابا أصليا، قام بشرحه كثير من أئمة الحنفية، وقال علامة الهند محمد عبد الوهاب البهاوي “فلما كان كتاب الهداية شرح البداية من عمدة كتب الحنفية قد أكبّ عليه العلماء” ومن أبرز هذه الشروح، هو شرح أكمل الدين البابرتي.
المسمّى بالعناية شرح الهداية، ومنها شرح الكمال بن الهمام، المسمى بفتح القدير للعاجز الفقير، وهو من أشهر شروح الهداية المتداولة بين العلماء والمعتمدة عندهم، وغير ذلك من الشروح، وهناك أيضا وقاية الرواية في مسائل الهداية، وهو لإمام محمود بن أحمد بن عُبيد الله بن إبراهيم المحبوبي الحنفي، المعروف بتاج الشريعة، وقد انتخبه من الهداية، وصنفه لحفيده صدر الشريعة، ليسهل عليه حفظه، وقال حاجي خليفة “وهو متن مشهور، اعتنى بشأنه العلماء بالقراءة والتدريس والحفظ” وعليه شروح كثيرة، أحسنها كما قال اللكنوي شرح حفيده صدر الشريعة عبيد الله بن مسعود المحبوبي، وقال حاجي خليفة “وهذا الشرح لا يحتاج من شهرته إلى التعريف”