الدكروري يكتب عن شراكة الحياة الزوجية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر والصلاة والسلام على محمد سيد البشر، الشفيع المشفع فى المحشر، صلى الله وسلم وبارك عليه ما اتصلت عين بنظر او سمعت اذن بخبر، فقد قال تعالى ولم يزل قائلا عليما وآمرا حكيما تشريفا لقدر المصطفى صلى الله عليه وسلم وتعظيما، ” وإنك لعلي خلق عظيم” إن الحياة الزوجية شراكة، وإن إنشاء الأسرة الإسلامية المنشودة هي مسؤولية الجميع من الزوج والزوجة والآباء والأبناء، ومن هنا وضع الإسلام جملة من الأحكام لتحقيق هذه الغاية النبيلة والهدف المنشود ليكون البيت رحمة ومودة وألفة وسكينة، ولنعلم جميعا أن معظم الخيانات الزوجيه تحدث عندما تصبح العشرة باهتة بارده وروتينيه ومن هنا يبدا الرجل بالبحث عن الرومانسيه التي اختفت من حياته ويبحث عن امرأة تعطيه مالم تستطع زوجته اعطاءه.

 

وأيضا هناك بعض الرجال عند قدوم اول طفل يقل اهتمام المراة بزوجها وتولي معظم رعايتها واهتمامها لطفلها مما يترك انطباعا نفسيا لدى الزوجه بالحاجه فيحاول ان يسد حاجته خارج اطار الزواج، والرجل بطبعته يرغب في ان يكون جذابا ومرغوبا على الدوام فعند انصراف الزوجه باهتمامها خارج نطاق رغبته وانشغالها باطفالها وبيتها يوجه انظاره الى امرأة اخرى لكي يثبت جاذبيته، وان مازال مرغوبا فينصرف الى نزواته ويحاول تحقيقها بايجاد اخرى، وأيضا اذا كانت المرأة تجعل من زوجها محط سخريه او نقد مستمر او تسخر من تصرفاته او تنتقده بشده او لاتحترم اهله او انها تخرج بمشاكلها الزوجيه خارج اطار حياتهما فان هذا العامل يدفع به بالبحث عن امرأة اخرى تحترمه وتقدر حياته، وربما تشعر المرأة بكل هذه الاحتياجات السابقة.

ولكن لم تنجذب لفكرة الخيانة وطالما رفضتها بشدة، لكن فى حين ظهور الشخص المثالى بالنسبة لها هنا يدق ناقوس الخطر وربما توقع نفسها بمغامرة نهايتها المحتومة هى الفشل وخراب البيوت، لكن لن تكون وحدها هنا هى المخطئة فالزوج هو الآخر مسئول لأنه لم يستطيع أن يلعب دور شريك الحياة كما يجب أن يكون، وفى النهايه كانت هذه هي بعض الأسباب التي قد توقع أحد الزوجين في الخيانة، ويجمع هذه الأسباب كلها ضعف الوازع الديني عند الزوجين، لذلك كان من أعظم سُبل الوقاية من الوقوع في هذه الخيانة، هو حسن اختيار شريك الحياة من أول خطوة في بناء الأسرة، وحسن الاختيار إنما يكون باختيار صاحب الدين، فعلى الزوج أن يختار صاحبة الدين والخُلق حتى تصون نفسها، وتحفظ شرفها، وتحفظ عرض زوجها في غيابه، فقال الله تعالى في وصف هذه المرأة.

كما جاء فى سورة النساء ” فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله” ولقد أخبرنا الله عز وجل أن علاقة الرجل بالمرأة آية من آيات الله تعالى، فيقول الله تعالى مبينا أن حقيقة الرجل والمرأة إنما هي نفس واحدة كما جاء فى سورة النساء ” يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحده وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا” وإذا كان كلاهما من نفس واحدة فلا بد أن يبحث الرجل عمن يكمله من النساء، وكذلك المرأة تفعل حتى تجد من يكملها من الرجال، إذ لا يكتمل أيهما إلا بوجود صاحبه، وقد اعتبر القرآن الكريم أن هذا الإرتباط الفطري بين الرجل والمرأة هو من آيات الله في الخلق والإبداع، فبهذا الرباط تستمر الحياة ويجد الإنسان سكينته وطمأنينته في هذه الحياة، فقال تعالى فى سورة الروم.

” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون” ويوجه الله تعالى الأنظار إلى عظيم صنعه وفائق قدرته، وقد ذكر أنه خلق الزوجين من نفس واحدة أي من جنس واحد، حيث يحتفظ كل جنس من هذه الأجناس الموجودة في هذا الكون على خصائصه وميزاته فلا يختلط في الأجناس الأخرى، وقد ورد ذلك في سياق الدلالة على قدرة الله على الخلق والإبداع، فقال تعالى فى سورة الشوري ” فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير” ويتبين من خلال تلك الآيات أن ارتباط الرجل بالمرأة عن طريق الزواج المشروع هو مما تدعو إليه الفطرة، ولا يمكن أن نتصور استمرارية الحياة بدونه.

 

فإذا كان الأمر كذلك فهل يكفي الإختيار العشوائي للزوج أو الزوجة ؟ والجواب طبعا لا، وقد أرشد الإسلام إلى الطريق الأمثل في اختيار كلا الزوجين لصاحبه، وقد راعى جميع العوامل التي من شأنها أن تيسر ديمومة الحياة الزوجية، وما يعكسه ذلك من استقرار عاطفي وأمن اجتماعي ورعاية للأولاد، وإن هناك مجموعة من المعايير التي ينبغي مراعاتها عند اختيار الزوجة، وهذه المعايير ليست مقاسات حديدية كما يفهمها البعض فيتحول اختيار الزوجة إلى عبء ثقيل، وأحيانا يترك بعض الشباب البحث عن الزوجة بحجة أنه لم يجد الزوجة المثالية ضمن المعايير الشرعية والإجتماعية، والأصل هو عدم التشدد في الأمر كله، والتيسير ورفع الحرج من مقاصد هذا الدين.

حيث قال تعالى فى سورة الحج ” وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل” ولقوله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر” وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في كل شأنه، فقد رُوى عنه “أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما” وعلى ضوء هذه التوجيهات نفهم مراعاة المعايير عند اختيار الزوجة أو اختيار الزوج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.