الدكروري يكتب عن دور الآباء والمربين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أمر بالإجتماع ونهى عن الإفتراق، وأشهد أن لا إله إلا الله الحكيم العليم، الخلاق الرزاق، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، رُفع إلى السماء ليلة المعراج حتى جاوز السبع الطباق، وهناك فرضت عليه الصلوات الخمس بالاتفاق، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين نشروا دينه في الآفاق، ومن تبعهم بإحسان إلي يوم التلاق ثم أما بعد في زمن تكالب فيه أعداء الإسلام على أهله، وفي زمن كشر الشر فيه عن أنيابه، وفي زمن انتشرت فيه وسائل الفساد وعمت وطمّت، كان لزاما علينا نحن الآباء والمربين وأولياء الأمور أن نهتم بشأن تربية الأولاد، وأن نبحث عن كل ما مِن شأنه أن يعيننا على القيام بهذه المسؤولية، وإن مما يحزن له القلب، ويتفتت له الفؤاد، أن ترى كثيرا من الناس قد أهملوا تربية أولادهم، واستهانوا بها، وأضاعوها.

فلا حفظوا أولادهم، ولا ربوهم على البر والتقوى، بل ومع الأسف الشديد فإن كثيرا من الآباء أصلح الله أحوالهم يكونون سببا لشقاء أولادهم وفسادهم، جيث قال الإمام ابن القيم رحمه الله “وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه وإعانته على شهواته، وهو بذلك يزعم أنه يكرمه وقد أهانه، ويرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوّت على ولده حظه في الدنيا والآخرة” ثم قال رحمه الله “وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء” وإن من الوصايا التي تعينكم على القيام الحق بتوجيه أولادكم وتربيتهم التربية التي تسعدون بها في الدارين، هو سؤال الله تعالي الذرية الصالحة، فكان هذا العمل هو دأب الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين، وأيضا غرس الإيمان والعقيدة الصحيحة في نفوس الأولاد.

فمما يجب بل هو أوجب شيء على الوالدين أن يحرصوا كل الحرص على غرس العقيدة الصحيحة، وأن يتعاهدوها بالسقي والرعاية، كأن يعلم الوالد أولاده منذ الصغر أن ينطقوا بالشهادتين، وأن يستظهروها، وينمي في قلوبهم محبة الله عز وجل، وأن ما بنا من نعمة فمنه وحده، ويعلمهم أيضا أن الله في السماء، وأنه سميع بصير، ليس كمثله شيء، وأن ينمي في قلبه محبة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، إلى غير ذلك من أمور العقيدة، وكذلك غرس القيم الحميدة والخلال الكريمة في نفوسهم من صدق ووفاء واحترام وبذل وحسن خلق وطيب معشر وحُسن حديث وحب للعلم والعلماء وصبر وحلم وغيرها من الصفات الحميدة، فالطفل منذ نعومة أظفاره جوهرة لامعة، فمتى حرصت على هذه الجوهرة بقيت غالية وثمينة، ومتى أهملتها فقدت قيمتها ولمعانها.

وأصبح من الصعب إعادتها إلى ما كانت عليه، وكذلك تنشئتهم على الآداب الإسلامية وتدريبهم عليها من آداب الأكل والشرب، وآداب النوم، وآداب الضيافة، وآداب المجلس، وآداب السلام، وآداب قضاء الحاجة، وآداب الجار وتشميت العاطس وغير ذلك، فمتى إعتادها في الصغر نشأ عليها في الكبر، وسهل عليه القيام بها، وسر الأب بها، وأثنى الآخرون على حسن تربيته، وكذلك الحرص على إستعمال العبارات المقبولة الطيبة مع الأولاد، والبعد عن العبارات المرذولة السيئة، فمما ينبغي للوالدين مراعاته أن يحرصا على إنتقاء العبارات الحسنة المقبولة الطيبة، البعيدة عن الإسفاف في مخاطبة الأولاد، وأن يربؤوا بأنفسهم عن السب والشتم واللجاج، وغير ذلك من العبارات البذيئة والسيئة، فإذا أعجب الوالدين شيء من عمل الأولاد على سبيل المثال قالا ما شاء الله.

وإذا رأيا ما يثير الاهتمام قالا سبحان الله، الله أكبر، وإذا أحسن الأولاد قالا لهم بارك الله فيكم، أحسنتم، جزاكم الله خيرا، وإذا أخطؤوا قالا لا يا بني ما هكذا، إلى غير ذلك من العبارات المقبولة الحسنة حتى يألف الأولاد ذلك، فتعف ألسنتهم عن السباب والتفحش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.