بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد كان الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنه وأرضاه كان من أشد الناس حرصا على اقتفاء أثار النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فيحكي عنه مولاه نافع فيقول حاكيا وواصفا حال عبد الله رضي الله عنه لو نظرت إلى ابن عمر إذا تبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم لقلت هذا مجنون من شدة حرصه، فكان يصلي في المكان الذي صلى فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم، ويقعد في المكان الذي قعد فيه صلي الله عليه وسلم ويقف في المكان الذي وقف فيه صلي الله عليه وسلم وإذا وقف بعرفة وقف بمكان موقف النبي صلى الله عليه وسلم، ويحرص كل الحرص على اقتفاء آثاره والأخذ بسننه صلى الله عليه وسلم، وهذه هي المحبة الحقيقية التي نحتاج أن نتذكرها اليوم.
وقد فصلتنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنوات وقرون طويلة، وأما عن الأسرة فإنه يرتبط دراسة موضوع الأسرة عند الكثير من الباحثين بمصطلح شائع التداول في هذا الشأن وهو العائلة، حيث يوظف العديد منهم مصطلح العائلة للتعبير بنفس الدلالة عما يوحي به مصطلح الأسرة، ولكن هذا غير صحيح لاختلافهما في أكثر من موضع، حيث تتباين العائلة عن الأسرة في حجم الأسرة أصغر من حجم العائلة، ووجود الأسرة يتردد أكثر في المدينة ووجود العائلة يتردد أكثر في القرية، والأسرة هي الجماعة القرابية الوحيدة في مجتمع المدينة، وإن هناك العديد من الوظائف الحديثة للأسرة ومنها أن الأسرة هي المؤسسة الأولى المسؤولة عن حفظ النوع من الانقراض.
وذلك لأنها المكان الطبيعي لإنجاب أفراد جديدة في المجتمع، وإشباع الحاجات الفسيولوجية وهي الحاجة على أساسيات الحياة من غذاء وملبس ورعاية ومأوى، وإشباع الحاجات النفسية والمعنوية للفرد وللمجتمع، وهذه الحاجات مثل احتياج الفرد للشعور بأنه ينتمي إلى جماعة معينة، وأن له مكانة عالية ومرموقة بها، وأيضا كشعور الأمان الذي توفره الأسرة للفرد في مجتمعه، وللأسرة وظيفة اقتصادية فحديثا أصبح لكل فرد في الأسرة دورة في زيادة دخل الأسرة، وبرز دور النساء كذلك في تدبير أمر الميزانية المتعلقة بالأسرة، وكما إن من الوظائف الأساسية للأسرة تجاه المجتمع، أنها تعمل على ترسيخ المعتقدات الدينية، وبث روح الوطنية والتضحية من أجل الوطن في نفوس الأبناء.
وحثهم على أن يكونوا أوفياء لوطنهم، وينتمون إليه بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأن للأسرة دور وظيفي في حياة الأفراد والمجتمع، فمن خلالها يتم من تراث الأمة وحاضرها وترسيخ معنى الحضارة في نفوس أبنائها وشعبها وكيفية المحافظة عليه من أعدائه، وأيضا تقوية علاقة المجتمع بغيره من المجتمعات من واجب الأسر، وذلك نتيجة أن الأسرة تربي الأجيال التي تتعامل مع غيرها من المجتمعات، وترسم للعالم الخارجي الصورة سواء الحسنة أو السيئة عن المجتمع، وإن حال الأسرة ينعكس على حال الأبناء وبالتالي ينعكس على حال المجتمع ككل، فإذا تواجد الطفل وتعود أن يكون البيت نظيفا مرتبا يسوده جو المحبة والرحمة سوف ينعكس ذلك على مجتمعه، أما إذا كان الطفل يعيش في بيت، يسوده الفوضى والكراهية هذا سوف يؤثر بالطبع على مجتمعه.