بقلم / محمـــد الدكـــروري
الاثنين الموافق 22 يوليو 2024
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا شكل ولا صورة له ولا جسد ولا أعضاء له ولا حيز ولا مكان له ولا كمية ولا كيفية له ولا جوارح ولا أدوات له هو الله الخالق القادر المنزه عن صفات خلقه وهو القائل عن نفسه عز وجل “ليس كمثله شىء وهو السميع البصير” وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه بلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيّا من أنبيائه، فالصلاة والسلام عليك سيدي يا علم الهدى يا رسول الله أنت طب القلوب ودواؤها وعافية الأبدان وشفاؤها ونور الأبصار وضياؤها.
فاللهم صلي وسلم وبارك وأعظم على سيدنا محمد الذي تنحل به العقد وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم ويستسقى الغمام بوجهه الكريم وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ثم أما بعد روي في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال “إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا” متفق عليه، وإن هنالك أمورا تدفع بالمسلم إلى الصدق والسير في ركابه، والمخالطة لأهله، أولها هو العقل، فإن صاحب العقل يعلم روعة الصدق وطمأنينته، وأنه موجب لاحترامه، باعث لمحبته، رافع لمنزلته، وأن الكذب خلق قبيح لا يرتضيه العقلاء.
ولا ينخدع به النبلاء وأنه مهما طال حبله فسوف يقطع يوما ما، وثانيا هو الشرع، حيث تظاهرت الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة في الأمر بالصدق والنهي عن الكذب، وقد أعد الله تعالى أعظم الثواب للصادقين، ومقت الكذب والكاذبين، وأعد لهم عذابا أليما، وثالثا هى المروءة، فمن لديه مروءة فإنها لا تسمح له بالكذب بأي حال من الأحوال، ورابعا هو الفوز بالثناء الحسن في الدنيا، وبالنجاة يوم القيامة، يوم ينفع الصادقين صدقهم، ويكونون ممن أنعم عليهم ربهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وخامسا هو الظفر بمحبة الناس، فإن الأمم لا تنال محبتها بالشعارات البراقة، والدعايات الزائفة بل بصدق اللسان وصدق التوجه وصفاء السيرة وروعة المنهاج، وسادسا هو النصر والرفعة والتمكين.
فإن الصادق لا يخذله ربه أبدا، أما الكاذب فمهما جنى من كذبه، وترقى بباطله، وتكسب من بهتانه، فمصيره الخذلان، وعاقبته الخسران، وسابعا هو راحة البال، وطمأنينة الخاطر، وهدوء النفس، وانشراح الصدر، فتلك سمات لا يجنيها إلا الصادقون، وإن من منازل إياك نعبد وإياك نستعين هى منزلة الصدق، وهو منزل القوم الأعظم الذي منه تنشأ المنازل كلها، والطريق الأقوم الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين، به تميز أهل النفاق من أهل الإيمان، وأهل الجنان من أهل النيران، وهو سيف الله تعالى في أرضه الذي ما وضع على شيء إلا قطعه، ولا واجه باطلا إلا أرداه وصرعه، من صال به لم ترد صولته، ومن نطق به علت على الخصوم كلمته، هو روح الأعمال ومحك الأحوال.
والحامل على اقتحام الأهوال، وهو الباب الذي يدخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال، وهو أساس بناء الدين وعمود فسطاط اليقين، ودرجته تالية على النبوة التي هي أرفع درجات العالمين، ومن مساكن النبيين تجري العيون والأنهار إلى مساكن الصديقين، كما كان من قلوبهم إلى قلوبهم في هذه الدار مدد متصل ومعين.