بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين العزيز المتعال البر التواب ونحمده ونستعينه ونتوب إليه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ونشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له وأن سيدنا محمدا عبده ورسوله، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي نبينا محمد صلي الله عليه وسلم وإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أما بعد فإنه تكثر الأسئلة عن موضوع تحديد النسل في الإسلام، وهل هذا يجوز شرعا ام لا؟ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث الواردة في العزل ” ليس من نفس مخلوقة إلا الله خالقها” وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال” ليس من كل الماء يكون الحمل”
فأي حجة في أحاديث العزل على تحديد النسل لمن تأمل المقام وأعطاه حقه من النظر وتجرد عن العوامل الأخرى، ومن تأمل ما تم ذكره وتم نقله عن أهل العلم يعلم أن القول بإباحة تحديد النسل قول مخالف للشريعة الكاملة التي جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، ومخالف للفطرة السليمة، فإن الله سبحانه فطر العباد علي محبة الأولاد، وبذل الأسباب في تكثير النسل، وقد امتن الله بذلك في كتابه، وجعله من زينة الدنيا فقال تعالى فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة النمل” والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفده ورزقكم من الطيبات” وقال تعالى أيضا كما جاء فى سورة الكهف” المال والبنون زينة الحياة الدنيا ” ومن تأمل المقام أيضا عرف أن القول بتحديد النسل مخالف لمصالح الأمة.
فإن كثرة النسل من أسباب قوة الأمة وعزتها ومنعتها وهيبتها، وتحديد النسل بضد ذلك يفضي إلي قلتها وضعفها، بل إلى فنائها وانقراضها، وهذا واضح لجميع العقلاء، لا يحتاج إلى تدليل، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة “أن الله سبحانه إذا خلق الجنين أمر الملك أن يكتب رزقه وأجله وعمله” فكل مخلوق له رزقه المقدر على حسب ما يسر الله من الأسباب، فكيف يليق بالعاقل أن يستحسن أو يبيح تحديد النسل خوفا من ضيق العيش؟ والله سبحانه المتكفل بالرزق والقادر على كل شيء، وإذا كان السكان قد تزايدوا في كل مكان فأسباب الإنتاج والرزق قد كثرت أيضا في كل مكان، وقد تسهلت وتنوعت أكثر مما كانت قبل وأحسن مما كانت قبل، وهذا من دلائل حكمة الله سبحانه وكمال قدرته وعظيم عنايته بمصالح عباده.
ثم كيف يليق بمسلم أن يسيء ظنه بربه، حتى يبيح للأمة تحديد النسل، وإن من المعلوم أَن الشريعة الإسلاميه قَد جاءت بحفظ الضروريات الخمس، أو الكليات الخمس، وحرمت الاعتداء عليها وهى الدين والنفس والمال والنسل والعقل، فحفظ النسل من الكليات الخمس التي أمرنا الإسلام ونبي الاسلام صلى الله عليه وسلم بالمحافظة عليها لذا شرع الإسلام الزواج لبقاء النسل، وحرم الزنا محافظة على النسل، ولقد وردت النصوص من الكتاب والسنة تحث على الزواج لما في ذلك من المصالح العظيمة الدينية والدنيوية، وبقاء النوع الإنساني من أول أهداف الزواج.