بقلم / محمـــد الدكـــروري
الأحد الموافق 14 يوليو 2024
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد إن بعض الرجال يلجأ لضرب زوجته أولا وهذا خطأ، والبعض يضرب ضربا شديدا يترك أثرا وهذا خطأ، وبعض النساء عند وجود خلاف تترك بيت الزوج وتذهب إلى بيت أبيها وهذا خطأ، فالمرأة لا تترك بيت زوجها تحت أي سبب من الأسباب، حتى إذا طلقها الزوج طلقة رجعية فعليها أن تقضي عدة الطلاق في بيت زوجها لعل ذلك يعيد المياه إلى مجاريها، فإذا كانت المطلقة لا تترك بيت الزوج فكيف بغير المطلقة؟ وأما عن حكم الطلاق المعلق على حمل ومثاله أن يقول رجل لزوجته إن كنت حاملا فأنت طالق، فذهب جمهور الفقهاء إلى وقوع الطلاق إن كان بها حمل ظاهر.
أما إن كان حملها غير ظاهر وظهر، وولدت بأقل من ستة أشهر، وقع الطلاق من وقت التعليق لثبوت الحمل لأن أقل مدة للحمل هي ستة أشهر، وأما عن شرط صيغة الطلاق وهي ما يقع به الطلاق بأي لغة كان، وهو أنه يشترط في اللفظ أن يفيد معنى الطلاق سواء في اللغة، أو العرف، أو الكتابة، أو الإشارة المفهومة، واللفظ إما أن يكون صريحا، أو كنائيا، فالطلاق الصريح هو اللفظ الذي غلب استعماله في الطلاق، على أن يكون المراد منه ظاهرا، كلفظ الطلاق وما يُشتق منه، مثل قول الزوج لزوجته “طلقتك” أو “أنت طالق أو مطلقة”، وقد اتفق الفقهاء على أن لفظ الإطلاق مثل قول الرجل لزوجته “أطلقتك” أو “أنت مطلقة” من الإطلاق، من ألفاظ الكناية التي تحتاج إلى نية، لعدم ثبوت استخدامها للطلاق في العُرف، أو الشرع.
كما اختلف الفقهاء في اعتبار استخدام الألفاظ التي يغلب استعمالها بين الناس للطلاق، مثل قول الرجل لزوجته “أنت عليَّ حرام” أو “حرّمتك” أو “محرَّمة” وهو طلاقا صريحا لا يحتاج إلى نيّة، أو أنه طلاق كنائي يحتاج إلى نيّة، وبيان خلافهم فى الحنفية أنهم قد اعتبروه لفظا صريحا لا يحتاج إلى نيّة، لأن استعماله غلب بين الناس للطلاق، وإن كان في الأصل لفظا كنائيا، وأما عن الحنابلة، فإنه لا يكون الطلاق صريحا إلا إن كان متعلقا، بلفظ الطلاق وما اشتق منه، وأما لفظ الفراق والسراح فكناية، وأما عن المالكية، فإنهم قالوا بأن الألفاظ الكنائية الظاهرة تأخذ حكم الطلاق الصريح، خاصة الألفاظ التي جرت العادة باستخدامها للطلاق في الشرع، أو في اللغة، مثل ألفاظ التسريح والفراق، كقول الزوج لزوجته أنت بائن، وما أشبه ذلك.
وأما عند الشافعية والظاهرية، فإنهم اعتبروا أن الألفاظ التي وردت في القرآن الكريم بشأن الطلاق هي الألفاظ الصريحة، وتنحصر في ثلاثة، وهى الطلاق، والفراق، والسراح، وأن يفهم الرجل ويدرك ما يقول ويتلفظ به، حتى وإن كان بغير العربية وأن يسند الرجل الطلاق إلى المرأة، ويضيفه إليها بإحدى طرق التعيين، كالوصف، أو الاسم، أو الإشارة، أو الضمير، ومثال ذلك قوله “امرأتي طالق” أو “فلانة طالق” أو يشير إليها بقوله “أنتى طالق ” أو يقول “هي طالق” وألا يكون هناك شك في عدد مرات الطلاق، أو في لفظ الطلاق، وأما عن حالات بطلان طلاق الزوجة، فهو طلاق المكره، وقد أجمع العلماء على وقوع طلاق المكره إن وقع الطلاق بحق، كإجبار القاضي في بعض الحالات، وأما طلاق المكره دون حق، فقد اختلف العلماء في وقوعه.
وبيان خلافهم وهو الرأي الأول، حيث قال الحنفية بوقوع طلاق المكره مطلقا، واستدلوا على ذلك بأنه مختار للطلاق، ويمكن أن يدفع من أجبره عليه بأمر آخر، وأما عن الرأي الثاني، فهو أنه فرّق جمهور الفقهاء من الشافعية، والمالكية، والحنابلة في وقوع طلاق المكره بالنظر إلى حقيقة الإكراه، فإن كان ضعيفا، ولم يتأثّر به المكره فإن الطلاق يقع لتوفر الاختيار، وأما إن كان الإكراه شديدا، مثل القتل، أو الضرب المبرح، أو القطع، وما إلى ذلك، فلا يقع الطلاق، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة، منها هو قول الله سبحانه وتعالى ” إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ” وإن وجه الدلالة من الآية أن الله سبحانه وتعالى، قد حكم بالإيمان لمن نطق بما يخالفه جبرا.
فالأولى عدم وقوع طلاق المجبر، إذ إن الطلاق أيسر، وقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” لا طلاق ولا عتاق في إغلاق ” وكذلك مطلوب ضرورة توفر القصد، والنية في الطلاق ولا يقع الطلاق بانتفاء ذلك كما هو حال المكره عليه فلا يقع طلاقه لانتفاء القصد والإرادة عنده.