الدكروري يكتب عن ترغيب الإسلام في النكاح


بقلم / محمـــد الدكـــروري


لقد أمر الله سبحانه وتعالى بالنكاح ورغب فيه، ووعد المتزوج بالغنى إن كان فقيرا ترغيبا له في النكاح، وتشجيعا له على الإقدام عليه، واثقا بالله معتمدا على فضله وسعة جوده وعلمه بأحوال عباده، ولذا ختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله ” والله واسع عليم ” ثم أمر من لا حيلة له في النكاح أن يستعفف حتى يغنيه الله من فضله، فأي حجة في هذه الآية على قطع النسل أو تحديده؟ وقد قيل أن أمر الله بالاستعفاف لمن لا يستطع النكاح يدل على جواز القطع والتحديد لأن تأخير النكاح بسبب العجز يفضي إلى تأخير النسل أو قطعه إن مات قبل أن يتزوج، وهذا احتجاج غريب واستدلال نادر الوجود لا يمت إلى الآية بصلة، بل هو من غرائب الاستدلالات ونوادر الاحتجاج، وقد قال الحافظ ابن كثير رحمه الله.

في تفسير هاتين الآيتين ما نصه أنه هذا أمر بالتزويج، وقد ذهب طائفة من العلماء إلى وجوبه على كل من قدر، واحتجوا بظاهر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” رواه البخارى ومسلم، ولقد حث رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم علي النكاح والتكاثر، وقد جاء في السنن من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “تزوجوا الولود تناسلوا، فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة” وفي رواية حتى بالسقط والأيامى جمع أيم، ويقال ذلك للمرأة التي لا زوج لها وللرجل الذي لا زوجة له، وسواء كان قد تزوج ثم فارق أو لم يتزوج واحد منهما، حكاه الجوهري عن أهل اللغة.

يقال رجل أيم وامرأة أيم، وأما عن قول الله تعالى فى سورة النور ” إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ” قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما، رغبهم الله في التزويج، وأمر به الأحرار والعبيد، ووعدهم عليه الغنى، فقال تعالى” إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ” وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه قال “أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى” وقال الله تعالى” إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ” رواه ابن جرير، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” ثلاثة حق على الله عونهم، الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي في سبيل الله” رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه.

وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ذلك الرجل الذي لم يجد عليه إلا إزاره، ولم يقدر على خاتم من حديد، ومع هذا فزوجه بتلك المرأة، وجعل صداقها على أن يعلمها ما معه من القرآن، والمعهود من كرم الله تعالى ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها وله، وأما ما يورده كثير من الناس على أنه حديث “تزوجوا فقراء يغنكم الله” فلا أصل له، وليس له إسناد قوي ولا ضعيف إلى الآن، وفي القرآن الكريم غنية عنه، وما قاله الحافظ ابن كثير رحمه الله، في تفسير الآيتين يتضح للقراء حقيقة معناهما، وأنهما يدلان على شرعية النكاح والحث عليه، لما فيه من المصالح العظيمة التي منها قضاء الوطر، وعفة الفرج، وغض البصر، وتكثير النسل، أما الاستدلال بهما على جواز قطع الحمل وتحديد النسل، ففي غاية من الغرابة والبعد عن الصواب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.