الدكروري يكتب عن بذل المال مرضاة لله


بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن المال هو مال الله عز وجل، لأن الارزاق مقسومه ومقدة من الحكيم العليم، وقد أمرنا الله عز وجل علي الأنفاق، وأخبرنا النبي صلي الله عليه وسلم أن الله عز وجل يفول في الحديث القدسي ” عبدي أنفق، أنفق عليك ” فإذا كان الرزق الذي آتاك الله تعالى إياه بذلته وأنفقته، فاعلم وثق ثقة تامة أن الله تعالى سيعوضك خيرا، وإن لم يعوضك مالا فسوف يعوضك سلامة في بدنك، فبدل ما تبذل المال وينقص مالك في سبيل الطب والعلاج يكفيك الله تعالى الأمر فيبارك في مالك يحفظ لك، يسلمك في دابتك، يسلمك في بيتك، في سيارتك، في شأنك، بحيث إنك لما ما بذلت مائة جنيه فقد قدر عليك أنت أن يصيبك شيء في سيارتك فتنفق ربما خمسمائة جنية سيكفيك الله تعالى هذه المصيبة في سبيل ذلك المال، فأنت تتعامل مع رب رحيم.

وإذا بذلت جاهك اعلم أن الله تعالى يؤجرك ويرفعك، فقال حكيم بن حزام رضي الله عنه، وقد أقبل إليه رجل يستشفع به عند أخر، وابن حزام صحابي جليل له شأنه، فأقبل هذا الرجل يطلب شفاعته لأن له جاه يطلب شفاعته عند رجل فقال له حكيم هذه يدي في يدك فلنمضي إليه، فأخذ الرجل في أثناء الطريق يعتذر كأنه يقول له كلفتك، قطعتك عن مشاغلك، أتعبتك معي، فقال له حكيم “يا رجل والله إنا نرى أن للجاه زكاة كما أن للمال زكاة، فلابد أن أبذل منه” وكذلك مما وقر في قلوب الأنبياء أنهم كانوا يبحثون دائما عن أتباع يعيشون معهم ليتعاونوا على البر والتقوى كما قال الله عز وجل ” واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم ” يعني كن دائما مع الصالحين القانتين المقبلين لتتعاون معهم على البر والتقوى، فإذا كان عليه الصلاة والسلام في أوائل الإسلام يطوف على القبائل يقول.

“من يؤويني لأبلغ رسالة ربي” أريد دولة تؤويني، أريد مجتمعا أتعاون معه على نشر الدين، من يؤويني لأبلغ رسالة ربي فإن قريش منعتني أن أبلغ رسالة ربي، حتى بعد ذلك كون صلى الله عليه وسلم له دولة إسلامية في المدينة، فأنت إذا أردت فعلا أن تتعلم البذل والتضحية فليكن الذين تسير معهم وتجالسهم وتصاحبهم من هذا الجنس كما قال عليه الصلاة والسلام “لا تصاحب إلا مؤمن ولا يأكل طعامك إلا تقي” يعني لا تصاحب إلا المؤمن الذي عنده من الإيمان ما يجعله ما يكون همه نصرة الدين والتضحية والبذل من خلاله، ولقد تغير في هذه الأزمان كل شيء، وشمل هذا التغير جميع نواحي الحياة، ولقد تغيرت المفاهيم، وطاشت الموازين، وغاب وازع الدين، ولم يبق من الإسلام إلا اسمه، ولا من الدين إلا رسمه، وصار أمر الدين وهمّ الإسلام آخر اهتمامات المسلمين.

إن كان له في نفوسهم همّ، أواصر الدين وروابط الإسلام توشك أن تنقطع، إن لم تكن قد انقطعت، وأصبحت الدهماء تسير وراء سراب الدنيا وتتسابق عليه، ولكن السراب وإن زان لمعانه، وأعجب الناظرين بريقه وجماله فهو سراب، فقال تعالى فى سورة النور ” كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا”وليته لما لم يجده شيئا قنع ونظر في نفسه وحاله، ولكنه انطلق خلف سراب آخر، ولقد تغير في الناس حتى دينهم والتزامهم، نعم تغير دينهم، فما كانوا يرون به بأسا بالأمس هو من الجائزات اليوم، وما كان خطيئة وإثما بالأمس أصبح حسنة وطاعة اليوم، وهي الفتنة التي قال الله تعالى عنها فى سورة النور ” فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم” فقيل لأحد العلماء ما الفتنة في هذه الآية؟ قال أن يصبح ما كنت تراه حراما حلالا أو ما كنت تراه حلالا حراما، يعني بدون دليل شرعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.