بقلم / محمــــد الدكـــروري
في سيرهم نحو عدوهم المشاق والصعاب المتمثلة في وعورة الطريق نتيجة النقص في عدد الخيل والإبل التي تحمل المجاهدين حتى تمزقت نعالهم من قسوة الحجارة وحدتها، وبعضهم تمزق منه الجلد والأظافر مما اضطرهم للفّ الخِرق والرقاع على أقدامهم، على الرغم من ذلك استمر الجيش في المسير حتى وصولوا إلى بطن نخل وهناك التقى بجمع من قبيلة غطفان، وتراءى الفريقان إلى بعضهما البعض دون وقوع قتال، وعندما انتشر خبر جيش الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن معه بين الأعراب الساعين إلى قتال المسلمين دب في قلوبهم الخوف والرعب من المسلمين فما كان منهم إلا الفرار إلى رؤوس الجبال مخلفين النساء والمتاع والذرية خلفهم، جراء فرار المقاتلين.
وعندما فر الأعراب إلى رؤوس الجبال، وقد حان وقت الصلاة خاف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، من انقضاض المشركين على المسلمين أثناء تأدية الصلاة، وهنا جاء الأمر الإلهي بنص قرآني كريم بمشروعية وكيفية صلاة الخوف، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجماعة ركعتين، ثم انتهوا، وصلى بالجماعة الثانية ركعتين، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم، أربع ركعات وللجيش ركعتين ركعتين، فقرر الرسول صلى الله عليه وسلم، العودة إلى المدينة المنورة، وبذلك انتهت هذه الغزوة دون قتال وأتم الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ما أراد من إخضاع القبائل العربية المتمردة بعد أن أنزل في قلوبهم الرعب والخوف من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
والتي دخلت في الإسلام لاحقا وشاركت المسلمين في غزوة حُنين وفتح مكة، فلما علمت قبائل غطفان بقدوم المسلمين هربت، فلم يقع قتال وعاد المسلمون منتصرين، وفي طريق العودة اشتد الحر عليهم، وجاء وقت القيلولة فنزلوا في وادي كثير الأشجار، وتفرق المسلمون يستظلون فيه، وقد نام الرسول صلى الله عليه وسلم، وظهرت شجاعة النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، وقوة يقينه بربه سبحانه وتعالى، وعفوه عمن ظلمه، وقد ظهر ذلك كله فيما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، حين قال ” كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، بذات الرقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي صلى الله عليه وسلم فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتفرق الناس في العضاة، أى فى شجر به شوك، يستظلون بالشجر.
ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، تحت شجرة فعلق بها سيفه، وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه فنمنا نومة، فجاء رجل من المشركين فاخترط سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أتخافني؟ قال لا، قال فمن يمنعك مني؟ قال الله، قال جابر رضي الله عنه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يدعونا فجئنا، فإذا عنده أعرابي جالس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتا، فقال لي من يمنعك مني؟ قلت الله، فها هو ذا جالس، ثم لم يعاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم” وفي رواية أبي عوانة ” فسقط السيف من يده، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال من يمنعك مني؟ قال كن خير آخذ، قال تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟
قال الأعرابي أعاهدك على ألا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، قال فخلى سبيله، فجاء إلى قومه، فقال جئتكم من عند خير الناس” رواه البخاري.