بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة أنه لما اشتد إيذاء قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأصحابه الكرام، فقد أشار عليهم بالهجرة إلى الحبشة ليكونوا في جوار النجاشي ذلك الملك العادل، فكانوا عنده بخير دار مع خير جار، وظلوا على تلك الحال من الأمن والاستقرار، إلى أن نزل رجل من الحبشة لينازع النجاشي في الملك، فحزن المسلمون لذلك حزنا شديدا، وخافوا أن يظهر ذلك الرجل على النجاشي وهو لا يعرف حق الصحابة الأطهار ولا يعرف قدرهم، وهنا أراد الصحابة رضي الله عنهم أن يعرفوا أخبار الصراع الدائر بين النجاشي وبين هذا الرجل على الجانب الآخر من النيل، وقالت أم سلمة رضي الله عنها فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من رجل يخرج حتى يحضر وقيعة القوم ثم يأتينا بالخبر؟
قالت، فقال الزبير بن العوام أنا قالوا فأنت، وكان من أحدث القوم سنا، قالت فنفخوا له قربة فجعلها في صدره، ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم، ثم انطلق حتى حضرهم، قالت فدعونا الله تعالى للنجاشي بالظهور على عدوه، والتمكين له في بلاده، قالت فو الله إنا لعلى ذلك متوقعون لما هو كائن، إذ طلع الزبير وهو يسعى، فلمع بثوبه وهو يقول ألا أبشروا، فقد ظفر النجاشى، وأهلك الله عدوه ومكن له في البلاد، وكان بعد رجوع الزبير بن العوام من الحبشة إلى مكة قام في كنف رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتلقى منه مبادئ الإسلام وأوامره ونواهيه، وعندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، للمدينة كان الزبير من ضمن المهاجرين إليها، وقد أنجبت السيده أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها.
له عبد الله الذي يُكنى به، وعروة، والمنذر، وعاصم والمهاجر، وله من زوجاته الأخريات العديد من الأبناء، وكان الزبير مقاتلا مقداما، وفارسا شجاعا، ولم تقتصر تضحية الزبير وجهاده على بذل نفسه في سبيل الله فقط، بل كان مجاهدا بماله أيضا، حيث كان من أثرياء القوم، وقيل كان له ألف مملوك يؤدّون له الضريبة، فلا يأخذ منها شيء وإنما ينفقها في سبيل الله، ورُوي أنه باع بيتا له بستمائة ألف، فقيل له يا أبا عبد الله لقد غُبنت، فقال لتعلمن أني لم أغبن، فأنفقها في سبيل الله، ولقد ضرب الزبير بن العوام رضي الله عنه، أروع الأمثلة فى التضحية والجهاد فى سبيل الله، وكان من السباقين للإسلام والجهاد، فهو أول من سل سيفه في الإسلام، وكان يُقال أن الزبير بن العوام رجل بألف فارس.