بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن المؤمن المشهود له بالخير، يستريح بالموت من عناء الدنيا وتعبها إلى الجنة وما أعد الله تبارك وتعالى له فيها من كريم المثوبة والرضوان، فإنما يستريح من غفر له وتقبل عمله، وأما الفاجر فإنه إذا مات يفضي إلى السخط والعذاب، ويستريح منه العباد والشجر والدواب فاعتبروا يا أولي الألباب، واستعدوا ليوم الحساب ولا تغفلوا فإنه ليس بمغفول عنكم ولا بد لكم من الإياب فقال تعالى ” إن إلينا إيابهم، ثم إن علينا حسابهم ” فالحمد لله الذي أوجد الكون من عدم ودبره، وخلق الإنسان من نطفة فقدره، ثم السبيل يسره، ثم أماته فأقبره، ثم إذا شاء أنشره، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أصحابه عن ذكرهم للموت كما كان يوصيهم بأي منقبة أخرى، ومن كان قليل الذكر للموت كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُسقطه من عينه.
كما في بعض الروايات، وعن الإمام علي بن أبى طالب رضى الله عنه، لابنه الحسن بن على “يا بني أكثر من ذكر الموت، وذكر ما تهجم عليه وتفضي بعد الموت إليه، حتى يأتيك وقد أخذت منه حذرك وشددت له أزرك، ولا يأتيك بغتة فيبهرك” فكثرة ذكر الموت تجعل من الإنسان دائم الإستعداد للموت، مجانبا للغفلة والسهو واللعب والضحك واللامبالاة، وقد جاء في الرواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمجلس وهم يضحكون فقال صلى الله عليه وسلم “أكثروا ذكر هادم اللذات، فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسّعه، ولا في سعة إلا ضيّقه عليه” وعن الإمام علي بن أبى طالب رضى الله عنه “أوصيكم بذكر الموت وإقلال الغفلة عنه، وكيف غفلتكم عما ليس يغفلكم، وطمعكم فيمن ليس يمهلكم، فكفى واعظا بموتى عاينتموهم”
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “أكثروا من ذكر هادم اللذات، فقيل يا رسول الله فما هادم اللذات ؟ قال الموت، فإن أكيس المؤمنين أكثرهم ذكرا للموت، وأشدهم له استعدادا ” فيا أيها الناس أوصيكم ونفسي بتقوى الله وأن نصلح دنيانا ونعمل لآخرتنا كأننا نموت غدا فتلكم وصية من وصايا نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لنا ومما يروى عنه صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن قوله صلى الله عليه وسلم “أفضل الزهد في الدنيا ذكر الموت، وأفضل العبادة التفكر فمن أثقله ذكر الموت وجد قبره روضة من رياض الجنة” وقوله صلى الله عليه وسلم “أكثر ذكر الموت فما من عبد أكثر ذكره إلا أحيا الله قلبه وهون عليه الموت وإنه لا يكون في كثير إلا قلله، ولا في قليل إلا أجزاه” وقوله صلى الله عليه وسلم.
“أكثروا ذكر هادم اللذات يعني الموت، فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه ولا في سعة إلا ضيقها عليه” يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “أكثروا ذكر الموت فإنه يمحص الذنوب، ويزهد في الدنيا، فإن ذكرتموه عند الغنى هدمه، وإن ذكرتموه عند الفقر أرضاكم بعيشكم” وقال صلى الله عليه وسلم “أتتكم المنية رابية لازمة جاء الموت بما جاء به، جاء بالروح والراحة والكرة المبارك لأولياء الرحمن من أهل دار الخلود الذين كان سعيهم ورغبتهم فيها لها، ألا وإن لكل ساعي غاية، وغاية كل ساع الموت فالناس سابق ومسبوق” والمتأخر لا بد له من اللحوق، ولكن جعل الله له في تأخره عبرة وعظة ليستعد للموت قبل نزوله، وليتهيأ للقاء ربه فمن لم يعتبر ويتعظ فهو لاه شقي وعن مصيره غبي، فكفى بالموت واعظا وباليقين غنى.