بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن الإمام عبد الوهاب الشعراني، وهو أبو المواهب عبد الوهاب بن أحمد بن علي الأنصاري، وقيل أن الإمام الشعراني عاش في قرية ساقية أبي شعرة من قرى محافظة المنوفية، وإليها نسبته، فيقال الشعراني، وقيل أنه انتقل إلى القاهرة سنة تسعمائة وإحدي عشر من الهجرة، وعمره إذا ذاك إثنتا عشرة سنة، فأقام في جامع أبي العباس الغمري، وحفظ عدة متون منها كتاب المنهاج للنووي، وألفية ابن مالك، والتوضيح لابن هشام، وجمع الجوامع، وألفية العراقي للحافظ العراقي، وتلخيص المفتاح، والشاطبية، وقواعد ابن هشام، وعرض ما حفظ على مشايخ عصره، ولبث في مسجد الغمري يقوم بالتعليم ويتعلم سبعة عشر عاما، ثم انتقل إلى مدرسة أم خوند.
وفي تلك المدرسة بزغ نجمه وتألق، وحبب إليه علم الحديث فلزم الاشتغال به والأخذ عن أهله، وقد سلك طريق التصوف وجاهد نفسه بعد تمكنه في العلوم العربية والشرعية، وأفاض الشعراني في ذكر شيوخه في كتبه، وبين مدى إجلاله لهم خاصة في كتابه الطبقات الكبرى، وذكر بأنهم نحو خمسين شيخا منهم مشايخ العلم أمين الدين الإمام والمحدث بجامع الغمري، وشمس الدين الدواخلي، وشمس الدين السمانودي، والإمام شهاب الدين المسيري، ونور الدين المحلي، ونور الدين الجارحي المدرس بجامع الغمري، ونور الدين السنهوري الضرير الإمام بجامع الأزهر، وملا علي العجمي، وجمال الدين الصاني، وعيسى الأخنائي، وشمس الدين الديروطي، وشمس الدين الدمياطي الواعظ.
وشهاب الدين القسطلاني، وصلاح الدين القليوبي، ونور الدين بن ناصر، ونور الدين الأشموني، وسعد الدين الذهبي، وبرهان الدين القلقشندي، وشهاب الدين الحنبلي، وزكريا الأنصاري، وشهاب الدين الرملي، وجلال الدين السيوطي، وناصر الدين اللقاني، وأما عن مشايخ الصوفية فهو علي المرصفي، ومحمد الشناوي، وعلي الخواص، والشيخ على نور الدين الشونى، وهو الإمام أبو المواهب الشعراني هو أحد أئمة وعلماء الصوفية، وهو من الذين جمعوا ما بين العقيدة السليمة، والاهتمام بالجانب السلوكي والأخلاقي، بحيث تكون هذه الأخلاقيات منبثقة بشكل أساسي من تعاليم الإسلام، وقد كرس جل حياته لتنقية التصوف من الأوهام والخرافات والشبهات التي علقت به، ليعيده إلى ما كان عليه أيام السلف الصالح.
فكان بذلك مثالا يحتذى به للتصوف المعتدل والبعيد عن التطرف، كما اشتهر الإمام الشعراني إلى جانب زهده، وورعه، وتقواه، بسعيه الحثيث والمستمر لخدمة المسلمين، ونصحهم، والدفاع عن حقوقهم أمام حكامهم.