الدكروري يكتب عن العمر فرصة غالية


بقلم/ محمـــد الدكـــروري
الجمعة 10 نوفمبر 2023

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، إن من الأمور الغيبية المستقبلية التي أخبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بها، ووقعت بعد وفاته وفق ما أخبر به كثيرة، ومنها هو موت فاطمة رضي الله عنها حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة رضي الله عنها بأنها أول أهله موتا ولحوقا به وكان الأمر كما أخبر، فعن عائشة رضي الله عنها “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا السيدة فاطمة ابنته فسارها فبكت، ثم سارها فضحكت، فقالت السيدة عائشة فقلت لفاطمة ما هذا الذي سارك به رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكيتي، ثم سارك فضحكت قالت سارني فأخبرني بموته فبكيت، ثم سارني فأخبرني أني أول من يتبعه من أهله فضحكت” رواه مسلم.

وقال الإمام النووي وفي الحديث إخباره صلى الله عليه وسلم بما سيقع، فوقع كما قال، فإنهم اتفقوا على أن السيدة فاطمة رضي الله عنها كانت أول من مات من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بعده حتى من أزواجه” ومن ذلك إخباره صلوات الله وسلامه عليه بأن الحسن بن علي رضي الله عنه سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من أمته، فقال صلي الله عليه وسلم ” إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين” رواه البخاري وقد حصل ذلك بأن تنازل الحسن بن علي لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عن الحكم وتم الصلح، وفي ذلك علم من أعلام النبوة، ومنقبة عظيمة للحسن بن علي رضي الله عنه، فاعلموا أن الحياة دقائق وثوان وإن الوقت من نعم الله العظيمة.

يتكرم فيه المولى سبحانه على العباد بفرص العمر الغالية، لعلهم يغتنمون الحياة الدنيا الفانية من أجل الفوز بنعيم الحياة الأخروية الباقية، فالعمر أوقات، أيام، وشهور، وسنوات، والوقت أثمن من الذهب والمال، لأن المال قد يعوض أو يستعاد، لكن الوقت من حيث يمضي لا يعود، إنه وعاء العمر والحياة، من اغتنمه فقد اغتنم عمره وحياته، ومن أضاعه خسر الدنيا والآخرة، وفي غفلة من الناس، وهم بالآمال متعلقون، وعلى حين غرة، يأتيهم الأجل المحتوم، وحينها يتنبهون من غفلتهم، ليدركوا قيمة أوقات الأعمار الضائعة، ويستجدون الفرص الإضافية لعلهم يتداركون، وتزداد الحسرة والندامة يوم القيامة، وقد أزلفت الجنة للمتقين، وبرزت الجحيم للغاوين، هنالك يدعو المضيعون لأوقات أعمارهم الدنيوية بالويل والثبور.

وهم في النار يصطرخون، أما أهل الجنة فليسوا يتأسفون، وهم في النعيم المقيم، إلا على ساعة من الدنيا لم يكونوا لله تعالى فيها من الذاكرين، والعمر مهما امتد وطال ليس إلا لحظات زمنية عابرة، ولكنها فرص ثمينة، قد أفلح من اغتنمها وهو حازم عاقل، وقد خاب من أضاعها وهو واهم غافل، وإن الوقت في حياة المسلم أغلى وأثمن، لما يعلم من قيمته في دينه ودنياه، وقد اهتم به الإسلام، وأولاه عناية كبيرة، حسبكم أن الله تعالى أقسم في كثير من الآيات بظواهره المختلفة تنبيها إلى عظيم شأنه، بل ربط الإسلام كثيرا من العبادات والقربات بأوقات زمنية مخصوصة في الصلاة والزكاة، والصوم والحج، والنوافل والأذكار وغيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.