بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية عن فتح مكة أنه عندما خرج العباس بن عبد المطلب ليستكشف أخبار مكة ليلا لعله يجد أحد يتفاوض معه حتي لا يحدث القتال بين المسلمين والمشركين، فبينما هو يمشي إذ سمع صوت أبي سفيان وبديل من ورقاء الخزاعي وهما يتساءلان عن نيران عسكر النبي صلى الله عليه وسلم، ويتحاوران، فقال العباس ويحك يا أبا سفيان، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس وإصباح قريش، فقال أبو سفيان فما الحيلة، فأردفه على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقد دارت الأيام، وأصبح أبو سفيان في موقف ضعيف جدا، ووجد نفسه عاجزا عن الحركة، بل عن التفكير، وذلك عندما بُوغت بالجيوش الإسلامية على بعد عدة كيلو مترات من مكة.
وعلم أبو سفيان يقينا أنه على رأس قائمة المطلوبين، فقد كان حريصا في أكثر من مرة على استهداف المسلمين، ورسولهم صلى الله عليه وسلم، وأصابت أبا سفيان حالة من الرعب والهلع، ووجد أمامه أحد أصدقائه القدامى الذين آمنوا وانضموا إلى الصف المسلم وهو العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستغاثه واستنجد به قائلا ما الحيلة؟ فداك أبي وأمي، وقال العباس رضي الله عنه يخاطب أبا سفيان والله لئن ظفر بك لَيضربن عنقك، وهذا هو التصرف الطبيعي في تصور العباس رضي الله عنه وفي تصور أي مُطلع أو محلل يراجع تاريخ أبي سفيان مع المسلمين، ولكن العباس رضي الله عنه لصداقته القديمة مع أبي سفيان أو لرغبته الأكيدة في حفظ دماء قريش.
قرر أن يشفع لأبي سفيان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رضي الله عنه لأبي سفيان “اركب معي هذه البغلة، حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم أستأمنه لك، فركب أبو سفيان مع العباس رضي الله عنه، ويقول العباس رضي الله عنه فخرجت به، فكلما مررت بنار من نيران المسلمين فقالوا ما هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها عمه قالوا هذه بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها عمه، حتى مررنا بنار عمر بن الخطاب ونظر عمر إلى أبي سفيان، وقال أبو سفيان عدو الله، الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد، ثم خرج الفاروق يشتد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسابقه العباس على البغلة، فدخل العباس ودخل عمر بعده، واستأذن عمر ضرب عنق أبي سفيان.
فقال العباس مهلا يا عمر، فوالله لو كان من بني عدي بن كعب ما قلت هذا، لكنه من بني عبد مناف، فقال عمر رضي الله عنه مهلا فو الله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب، لأن إسلامك أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس ذلك، وعندما جاء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ألم يأن لك بأن تعلم أن لا إله إلا الله ” فقال أبو سفيان بأبي أنت وأمي ما أحلمك، وما أكرمك وأوصلك، أما هذه فإن في النفس منها شيئا حتى الآن، فقال له العباس أسلم قبل أن تضرب عنقك، فأسلم.