بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما جاء في كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن الراهب بحيري أو يقال الراهب سرجس، وهو الذي تنبأ، بنبوة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عندما كان صغيرا، وهو اسمه مشتق من السيرانية، وتعني “الممتحن والمختار من قبل الرب” وورد أن اسمه بحيري أو بحيرا، وسرجس، وهو من قبيلة عبد القيس، ويقول أن معنى كلمة بحيرا بالآرامية فهو بخيرة، أي المصطفى والمختار، وعليه، تكون بخيرا صفة للراهب سرجيوس، ثم حلت محل اسمه، وقد ذكر أيضا بالحبري أي العالم اليهودي من مدينة تيماء، وبالراهب، والسرياني، أو النسطوري، وهو من أتباع آريوس الذي كان له إطلاع على علم الهيئة والنجوم، وكان يرفض الألوهية للمسيح وقضية التثليث.
ويعترف بوحدانية الله عز وجل، ويقال أنه لهذا السبب طرد من كنيسة برية الشام، وثم من طور سيناء فاضطر للجوء إلى دير في بُصري، حيث التقى هناك بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وإنه عندما أجمعت قريش أن يجهزوا عيرا إلى الشام بتجارات، وأموال عظام، وأجمع أبو طالب المسير في تلك العير، فلما تهيأ له المسير، انتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يشخص معه، فرق عليه أبو طالب قال أتخرج؟ فكلمه عمومته، وعماته وقالوا لأبي طالب مثل هذا الغلام لا يخرج به، تعرضه للأرياف، والأوباء، فهمّ أبو طالب بتخليفه، فرآه يبكي قال ما لك يا ابن أخي؟ لعل بكاءك من أجل أني أريد أن أخلفك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم، فقال أبو طالب فإني لا أفارقك أبدا.
فاخرج معي، وعندما خرج أبو طالب تاجرا إلى الشام وبالتحديد مدينة بصرى التجارية آنذاك، فخرج معه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكان صغيرا، وكان في بصرى من أرض الشام صومعة، وكان فيها راهب مسيحي باسم بحيرى، وكان المسيحيون يعتقدون أن عنده علم المسيحية يتوارثونه جيلا بعد جيل، فلما كان الركب قريبا من الصومعة، لفت انتباه بحيرى، وهو في صومعته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أظلته غمامة من بين الركب، ونزلوا في ظل شجرة قريبا منه، فأظلت الغمامة الشجرة، وتدلت أغصانها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى بحيرى أن الغمامة كيف بسطت ظلها على محمد، والركب نزل من صومعته، وصنع لهم طعاما كثيرا.
ثم أرسل إليهم فقال يا معشر قريش، إني قد صنعت لكم طعاما، فأحب أن تحضروه كلكم كبيركم وصغيركم حركم وعبدكم فأنتم ضيف، وقد أحببت أن أكرمكم، وأصنع لكم طعاما تأكلون منه، فاجتمعوا إليه وتخلف محمد من بين القوم في رحال القوم تحت الشجرة، فقال بحيرى يا معشر قريش، لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي، قالوا له يا بحيرى، ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك، إلا غلام أحدث القوم سنا تخلف في رحالهم، فقال ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم، فقام إليه رجل منهم فاحتضنه حتى أجلسه مع القوم، فلما رآه بحيرى جعل ينظر إليه بشدة، وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته، حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا قام إليه بحيرى، وتوجه بحيرى إلى النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال له يا غلام، أسألك بحق اللات والعزي الا ما أخبرتني عما أسألك عنه، فقال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “لا تسألني باللات والعزى، فوالله ما أبغضت شيئا قط كبغضهما ” فقال بحيرى فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه، فقال له سلني عما بدا لك، فجعل يسأله عن أشياء من حاله في نومه وهيئته وأموره، وجعل النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يخبره، فكان يوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته، ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده، وعندما فرغ بحيرى من الكلام مع محمد أقبل إلى أبي طالب، فقال له ما هذا الغلام منك؟ قال أبو طالب ابني، فقال بحيرى ما هو بابنك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا، قال فإنه ابن أخي.
فقال فما فعل أبوه، فقال مات وأمه حبلى به، قال صدقت، فارجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم، فأسرع به إلى بلاده، فلما فرغ عمه من تجارته خرج به حتى أقدمه مكة، ولكن فى النهايه، قيل أنه قد وردت شكوك حول رواية لقاء الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وبحيرا الراهب.