بقلم / محمـــد الدكـــروري
وفي شهر الربيع، تم تدمير اثنين من الأساطيل الإسلامية التي ارسلت كتعزيزات من قبل البيزنطيين بعد أن انشقت طواقمها المسيحية، وأرسل جيشا إضافيا برا عن طريق آسيا الصغرى ولكنه تعرض لكمين وهزم، بالإضافة إلى هجمات من قبل البلغار في العمق، حيث أجبر المسلمين علي رفع الحصار، وفي رحلة عودتها كان الأسطول العربي قد دمر بالكامل تقريبا من جراء الكوارث الطبيعية والهجمات البيزنطية، وقد كان فشل الحصار هذا كان له تداعيات واسعة النطاق، وأيضا إنقاذ القسطنطينية كان ضمان لاستمرار بقاء بيزنطة، في حين تم تغيير النظرة الاستراتيجية للخلافة، على الرغم من أن هجمات منتظمة على الأراضي البيزنطية تواصلت، وتم التخلي عن الهدف من الغزو السافر.
ويعتبر المؤرخون الحصار هو واحدا من أهم المعارك في التاريخ، كما أرجأ فشله تقدم المسلمين إلى جنوب شرق أوروبا لعدة قرون، وكان الوليد بن هشام، قد عينه الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز حاكما لجند قنسرين، وقد أرسله لقيادة الحملة الصيفية ضد البيزنطيين إلى جانب عمرو بن قيس الكندي، وهو والي جند حمص، ثم منها إلى مدينة حماة، وهي مدينة قديمة على نهر يقال له الأرنط، وأهل هذه المدينة قوم من يمن، والأغلب عليهم بهراء وتنوخ، ثم من مدينة حماة إلى مدينة الرستن، ثم إلى مدينة حمص، ومدينة حمص من أوسع مدن الشأم، ولها نهر عظيم منه شرب أهلها، وأهل حمص جميعا يمن من طيء، وكندة، وحمير، وكلب، وهمدان، وغيرهم من بطون اليمن، وقد افتتحها أبو عبيدة بن الجراح سنة ست عشرة من الهجره، صلحا.
وانتقضت بعد الفتح فصالحها أهلها ثانية، وبحمص أقاليم منها التمة وأهلها كلب، والرستن، وحماة وهي مدينة على نهر عظيم وأهلها بهراء، وتنوخ، وصوران وبه قوم من أياد، وسلمية وهي مدينة في البرية، وكان عبد الله بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابتناها وأجرى إليها نهرا، واستنبط أرضها حتى زرع فيها الزعفران، وأهلها من ولد عبد الله ابن صالح الهاشمي ومواليهم، وأخلاط من الناس تجار وزراعين، وتدمر وهي مدينة قديمة عجيبة البناء، يقال لكثرة ما فيها من عجائب الآثار، وقيل أن نبى الله سليمان ابن داود عليهما السلام، قد بناها.