بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن المتكبر من الناس ذلك الذي ألبس نفسه لباس الكبر والغرور، فيرى نفسه أفضل من غيره، يترفع على الناس ويستعلي عليهم، وينظر إليهم نظرة احتقار وازدراء، مغرور معجب بنفسه ورأيه، لا يقبل الحق ولو ظهر له خطؤه، ومن آثار الكبر، هو لبس بعض الرجال خاتم ذهب أو ساعة فيها ذهب، أو نظارات فيها ذهب، وعير ذلك من متاع الدنيا وزينتها، فاسمع ما قاله النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في ذلك حين رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فرماه، ثم قال صلى الله عليه وسلم ” يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ” فإن الخير كل الخير في طاعة الله ورسوله، ولقد منع رجال تزويج من لهن عليهن ولاية لينالوا حطاما من الدنيا فباءوا بالخسران والندامة، فلقد عُني الإسلام بالزواج عناية خاصة تفوق عنايته بأية علاقة إنسانية أخرى.
ويبدو ذلك جليا في كل ما عرض له الإسلام من مسائل الأسرة، ابتداء بالخطبة وانتهاء بالطلاق عند الضرورة، ولما كان الزواج أساس بناء الأسرة، ولا يمكن أن تقوم أسرة بدون زواج شرعي وجب أن يقوم الزواج على الرغبة والاختيار والرضا المشترك، ومن ثم، فلا عجب أن أجمع علماء الاجتماع، على أن الأسرة عماد المجتمع وأنها إذا قامت على أسس ودعائم قوية استقرت أحوال المجتمع وتوطدت أركانه، وإذا وهنت قواعد الأسرة، ولم يتحقق لها أسباب القوة على اختلاف أشكالها، اضطربت حياة المجتمع واختلّ توازنه، ولقد تحفظ الاقتصاديون حوالي قرنين من الزمن عن الكلام عن الأسرة أو في شؤونها وتركوا تلك المهمة لعلماء الاجتماع والمحللين النفسيين، أما اليوم، فقد أثبت غير واحد من الاقتصاديين المعاصرين أن الزواج بمثابة عقد لتوزيع العمل.
فكل من الزوجين يتخصص في مجال معين وطبقا للعادات والتقاليد الاجتماعية، فإن الزوج هو الذي يعمل فى الخارج وتبقى الزوجة في المنزل للقيام بالأعمال المنزلية وممارسة الأمومة، حيث يحقق التخصص أفضل تنظيم لموارد الأزواج وأقصى قدر من الرفاهية، لا شك أن الزواج ضرورة من ضروريات الحياة، إذ به تحصل مصالح الدين والدنيا، ويحصل به الارتباط بين الناس، وبسببه تحصل المودة والتراحم، ويسكن الزوج إلى زوجته، والزوجة إلى زوجها، فقال الله تعالى فى سورة الروم ” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون” وبالتزوج يحصل تكثير النسل المندوب إلى طلبه، فقال صلى الله عليه وسلم “تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم”
وكما أن النكاح سنة خاتم النبيين، فهو كذلك سنة المرسلين من قبل، فقال الله عز وجل فى سورة الرعد “ولقد أرسلنا رسلنا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية” ففى النكاح امتثال أمر الله ورسوله، وبامتثال أمر الله ورسوله تتحقق الرحمة والفلاح في الدنيا والآخرة، وفي النكاح قضاء الوطر، وفرح النفس، وسرور القلب، وفيه تحصين الفرج، وحماية العرض، وغض البصر، والبعد عن الفتنة، والنكاح من أسباب الغنى وكثرة الرزق، ولكن فإن هناك عقبة كؤود تحول بين الشباب وبين تحقيق هذه المصالح العظيمة، حتى صار الزواج عند الشباب من الأمور الشاقة أو المستحيلة، وهذا العائق هو المغالاة في المهور، فقد أصبح المعوق الرئيسي أمام الشباب، والمانع من التقدم إلى الزواج، ولقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في تخفيف الصداق، فقال “خير الصداق أيسره”