الدكروري يكتب عن الحدث التاريخي في الإسلام


بقلم/ محمـــد الدكـــروري

لقد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة أن الحدث التاريخي في الإسلام هو حدث فتح مكة وكان في العام الثامن للهجرة تحديدا في العشرين من شهر رمضان وجاء هذا الفتح على إثر نقض قريش صلح الحديبية الذي تم بين المسلمين وأهل قريش، وجاء النقض على هيئة قيام أهل قريش بإمداد بني بكر بالمال والسلاح وذلك للاعتداء على خزاعة، حيث أن قبيلة خزاعة كانت قد دخلت مع المسلمين في صلح الحديبية، وبعد أن حدث ذلك النقض وخيانة العهد بينهم، قام عمرو بن سالم الخزاعي بالقدوم إلى المدينة المنورة وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم عما فعلته قريش وبعد ذلك أمر النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام بالاستعداد.

وكان ذلك سرا تجنبا لمعرفة قريش بذلك، وإن من العجب أن هذه الخيانة التي وقعت منهم كانت والرسول صلى الله عليه وسلم، ما زال على وفائه لهم بالعهد الذي بينه وبينهم، حتى إنه صلى الله عليه وسلم رد من جاء المدينة المنورة مؤمنا من مكة مرة ثانية إلى قريش، وفاء ببنود المعاهدة، وقد رأينا ذلك حين أعاد صلى الله عليه وسلم أبا بصير إلى مكة رغم خطورة هذه الإعادة على إيمان أبي بصير، وهو الأمر الذي لم تفعله قريش ولم تفعله بنو بكر، وخانوا المعاهدة، والمشكلة الكبيرة الأخرى هي أن بني بكر كانت تلعب بالقوانين، وقريش تشاهد ذلك الأمر وتقبله، بل يقبله الجميع، فالقتال دار في داخل مكة البلد الحرام، في داخل البيت الحرام، وهو أمر خطير، إذ الجميع كان يؤمِن كل زائري هذه المنطقة.

وكان هذا متعارفا عليه لدى قريش ولدى الجزيرة العربية وكل القبائل إذ كان ذلك بمنزلة قانون عام متعارفا عليه لدى الجميع، على المسلمين والمشركين، وما حدث هو أن بني بكر دخلت إلى مكة المكرمة لتقتل خزاعة في داخل الحرم، الأمر الذي أدهش جيش بني بكر نفسه من استمرار القتل في داخل الحرم، حتى نادوا على زعيمهم نوفل بن معاوية الديلى من بني بكر، وقالوا يا نوفل، إلهك إلهك ، يعنون أن قوانين إلهك، اللات والعزى وهُبل وغيرها لم تشرع القتال داخل البيت الحرام، وهنا رد عليهم قائدهم هذا بكلمه فاجرة، قال لا إله اليوم ، ثم قال يا بني بكر، أصيبوا ثأركم، فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم، أفلا تصيبون ثأركم فيه؟ فشجعهم على استمرار عملية القتل، لتحدث الجريمة الكبرى.

وقريش لا تشاهد هذا الأمر فقط، بل تساعد عليه، فكان هذا خرقا واضحا للبند الثالث من بنود صلح الحديبية، وسرعان ما أدرك أبوسفيان حجم الورطة، فأسرع للمدينة في محاولة لطلب مد الصلح مجددا ، لكن فات الوقت، ورفض كل من أبي بكر وعمر وعلي التشفع له عند النبي صلى الله عليه وسلم وجاء أن ابنته رفضت جلوسه على فراش النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار أبي سفيان “نجس” أي مشرك وهكذا عاد أبوسفيان لقومه آسفا لا يدري ما يفعل ولا شك أن ما فعلته قريش وحلفاؤها كان غدرا محضا ونقضا صريحا للميثاق لم يكن له أي مبرر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.