بقلم / محمـــد الدكـــروري
الاثنين الموافق 13 مايو 2024
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد عليكم بالإحسان إلي الناس وعدم الإساءة إليهم، فإن أول من يظفر ويستفيد من الإحسان هو المحسن نفسه فلك أن تتخيل لو أنقذك إنسان من الغرق أو منحك من خيره منحة أو فكّ عنك ضائقة كيف يكون شعورك عنه واحتفالك به وشكرك له عندها استشعر أيضا ما يعيشه هو في تلك اللحظات من سعادة واطمئنان وراحة بال وسكينة ولذة إيمانية منقطعة النظير وهو يرى فرحتك واحتفالك به، وإنه يظن كثير من الناس أن شهادة الزور.
مقتصرة على التي في المحاكم وعند القضاة وهذا إنما هو نوع من أنواع الزور الشاهد والمشهود له مجرمان فيه غاية الإجرام والشاهد أشد إجراما لأنه يبيع دينه بدنيا غيره وأشد إجراما منهما القاضي أو الحاكم إذا كان يعلم أن شهادة الشاهد كاذبة، كما هو حال بعض الشهود الذين يرابطون عند أبواب المحاكم فيترددون على القاضي مرارا وتكرارا في قضايا مختلفة ولأناس مختلفين، وإن من أنواع الزور تلك التوقيعات التي يوقعها بعض المسئولين في بعض الإدارات بأن فلانا تم انتدابه لمدة كذا وكذا أو أنه مصاب بمرض كذا وكذا أو أنه موجود ومداوم عندهم في الإدارة والأمر ليس كذلك فهذا زور وتزوير من الطرفين وأكل للمال بالباطل، ومن الزور أيضا تلك التقارير المزورة التي يرفعها بعض المدراء والمشرفين في أمور يعلمون علم اليقين أنها غير صحيحة.
كالتقارير التي تعطى لبعض الأشخاص للحصول على إجازة من العمل أو الحصول على مساعدة من جهة معينة أو التقارير التي يرفعها بعض الأطباء بمرض من ليس بمريض أصلا، أو إعطاء الطالب تقريرا يمنعه من الذهاب إلى المدرسة، أو دخول الامتحان أو غير ذلك من الزور والبهتان، ومن الزور أيضا هو ما يفعله بعض أصحاب المحلات التجارية من كتابة لفواتير مزيفة وغير حقيقية أو إعطاء الزبون فاتورة بيضاء ليكتب فيها ما يريد أو كتابة فواتير بمبلغ غير المبلغ الفعلى الذي استلمه صاحب المحل كل ذلك من الزور والإعانة على الإثم والعدوان، والله سبحانه وتعالى يقول فى كتابه الكريم ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” ومن شهادة الزور ما يفعله بعض الدلالين والمروجين للسلع حيث يصفونها بأوصاف يعلمون أنها كذب.
وغير موجودة في السلعةأو ينفون عنها عيوبا هي موجودة فيها أو يشهدون أن فلانا قد وضع على البضاعة سعرا، أكثر من الذي وضعته من أجل أن يخدعوا المشترى حتى يزيد في الثمن وهذه خيانة وبيع للأمانة ومحق لبركة البيع والشراء، ومن الزور ما يفعله بعض المهندسين أو المشرفين على المشاريع حيث يشهد بعضهم أنها حسب المواصفات المتفق عليها وهي في الحقيقة ليست كذلك وهو يعلم بذلك وهذا زور يترتب عليه نتائج خطيرة على البلاد والعباد، ومن أعظم الزور تلك الشهادات المزورة التي تعطى لمن ليس أهلا لها كالشهادات التي تعطى لمن نجح بالغش أو لمن لم يدرس أصلا وكذلك شهادات الخبرة في مجال معين لمن ليس كذلك، وعلى كل حال فالزور موجود ومنتشر على كافة الأصعدة والمستويات وما ذكر من النماذج.
والأمثلة كاف لمن ظن أن الزور مقتصر على شهادة الزور المعروفة في المرافق، التي يتحاكم الناس إليها، وكما أن من أظهر الشهادة زورا قد اقترف إثما عظيما فكذلك من كتم الشهادة وهو يعلمها وشهد بغير الحقيقة التي يعرفها فقد اقترف أيضا كبيرة من الكبائر، فيقول الله تعالى ” ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون” ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه “ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها” وأنه لا خلاف بين الفقهاء في أن شهادة الزور من أكبر الكبائر، وأنه محرم شرعا، قد نهى الله عنه في كتابه مع نهيه عن الأوثان.