الدكروري يكتب عن إنقراض الفرقة الكيسانية من الوجود


بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت المصادر الكثير عن الكيسانية وإن الكيسانية منسوبة إلى كيسان وقد اختلفوا في المسمى به إلى أقوال، حيث قال منهم إن الإمامة بعد علي كانت لابنه الحسن، ثم للحسين ثم صارت إلى محمد بن الحنفية بوصية أخيه الحسين إليه حين خرج من المدينة إلى مكة حين طولب بالبيعة ليزيد بن معاوية ثم افترق الذين قالوا بإمامة محمد بن الحنفية فزعم قوم منهم يقال لهم الكربية أصحاب أبي كرب الضرير وأن محمد بن الحنفية حي لم يمت وإنه في جبل رضوى، وعنده عين من الماء وعين من العسل يأخذ منه رزقه، وعن يمينه أسد، وعن يساره نمر، يحفظانه من أعدائه إلى وقت خروجه، وهو المهدي المنتظر، وذهب الباقون من الكيسانية إلى الإقرار بموت محمد بن الحنفية واختلفوا في الإمام بعده.

فمنهم من زعم أن الإمامة بعده رجعت إلى ابن أخيه علي بن الحسين زين العابدين ومنهم من قال برجوعها بعده إلى أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية، واختلف هؤلاء في الإمام بعد أبي هاشم، فمنهم من نقلها إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بوصية أبي هاشم إليه، وهذا قول الراوندية ومنهم من زعم أن الإمامة بعد أبي هاشم صارت إلى بيان بن سمعان ومنهم من زعم أنها انتقلت بعد أبي هاشم إلى عبد الله بن عمرو بن حرب، وادعت هذه الفرقة إلوهية عبد الله بن عمرو، ويقول المفيد أن أول من شذ عن الحق من فرق الإمامية الكيسانية، وهم أصحاب المختار، وإنما سميت بهذا الاسم لأن المختار كان اسمه أولا كيسان وقيل إنما سمي بهذا الاسم لأن أباه حمله وهو صغير فوضعه بين يدي أمير المؤمنين.

قالوا فمسح يده على رأسه وقال كيس كيس فلزمه هذا الاسم، وزعمت فرقة منهم أن محمد بن علي عليه السلام استعمل المختار على العراقيين بعد قتل الحسين عليه السلام وأمره بالطلب بثأره وسماه كيسان لما عرف من قيامه ومذهبه وهذه الحكايات في معنى اسمه عن الكيسانية خاصة فأما نحن فلا نعرف إلا أنه سمى بهذا الاسم ولا نتحقق معناه وقالت هذه الطائفة بإمامة أبي القاسم محمد بن أمير المؤمنين عليه السلام ابن خولة الحنفية وزعموا أنه هو المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، وأنه حي لم يمت ولا يموت حتى يظهر الحق وتعلقت في إمامته بقول الإمام علي رضي الله عنه يوم البصرة، أنت ابني حقا، وأنه كان صاحب رايته كما كان الإمام علي رضي الله عنه.

صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك عندهم الدليل على أنه أولى الناس بمقامه واعتلوا في أنه المهدي بقول النبي صلى الله عليه وسلم لن تنقض الأيام والليالي حتى يبعث الله عز وجل رجلا من أهل بيتي اسمه اسمي وكنيته كنيتي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، قالوا وكان من أسماء الإمام علي رضي الله عنه عبد الله، بقوله أنا عبد الله وأخو رسول الله وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب مفتر، وتعلقوا في حياته بأنه إذا ثبت إمامته وأنه القائم فقد بطل أن يكون الإمام غيره وليس يجوز أن يموت قبل ظهوره فتخلو الأرض من حجة، فلا بد على صحة هذه الأصول من حياته، وهذه الفرقة بأجمعها تذهب إلى أن محمدا رحمه الله كان الإمام بعد الحسن والحسين.

وقد حكي عن بعض الكيسانية أنه كان يقول إن محمدا كان الإمام بعد الإمام علي رضي الله عنه ويبطل إمامة الحسن والحسين ويقول إن الحسن إنما دعا في باطن الدعوة إلى محمد بأمره وأن الحسين ظهر بالسيف بإذنه وأنهما كانا داعيين إليه وأميرين من قبله وحكي عن بعضهم أن محمدا مات وحصلت الإمامة بعده في ولده وأنها انتقلت من ولده إلى ولد العباس ابن عبد المطلب وقد حكي أيضا أن منهم من يقول إن عبد الله بن محمد حي لم يمت وأنه القائم وهذه حكاية شاذة وقيل إن منهم من يقول إن محمدا قد مات وأنه يقوم بعد الموت وهو المهدي وينكر حياته وهذا أيضا قول شاذ، وفي النهاية فإن جميع ما قيل من الأقوال هو حادث ألجأ القوم إليه الاضطرار عند الحيرة وفراقهم الحق.

والأصل المشهور ما قيل من قول الجماعة المعروفة بإمامة أبي القاسم بعد أخويه والقطع على حياته وأنه القائم مع أنه لا بقية للكيسانية جملة وقد انقرضوا حتى لا يعرف منهم في هذا الزمان أحد إلا ما يحكى ولا يعرف صحته والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.