بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وسبحانه أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين ثم أما بعد إنه لم تنل حضارة الإسلام هذه المكانة، ولم تحظ بهذا الإعجاب، إلا لخصائص اختصت بها دون غيرها من الحضارات الأخرى منها حرية العقيدة في الإسلام، فإن من مظاهر الحضارة الإسلامة حرية الإعتقاد وحرية الدخول في الاسلام فهو يعلنها صريحة حيث قال تعالي ” لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي لا انفصام لها والله سميع عليم” فالإسلام لا يكره أحدا على الدخول في عقيدته، أو الإيمان بدعوته لأن حرية الاعتقاد هي أول حقوق الإنسان.
ولا يملك أحد الضغط على الناس، أو إكراههم على الإيمان حتى ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول تعالى ” ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين” ولم يسمع عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قتل أحدا من أهل الكتاب لأنه لم يسلم، ولم يعرف عنه أنه عذب أحدا أو منعه من التعبد بل ان النبي صلى الله عليه وسلم سمح لنصارى نجران بالصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم، فإعلموا علم اليقين أنه لن يقف أمام الإسلام شيء، لأنه يسير وعين الله ترعاه، وقوته تحفظه وتدفع عنه كيد الكائدين ومكر الماكرين، فأبشروا وأملوا، ولكن ابذلوا واعملوا، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا، فيا أيها الناس اتقوا الله والزموا الحق فإن الله تعالى هو الحق، وقوله الحق ودينه الحق، ورسوله حق، ووعده حق، ولقاءه حق، والجنة حق والنار حق.
فاثبتوا على الحق فإن الحق وأهله في الجنة، وإن الباطل وأهله في النار، ألا وإن الأعمار منتهية والحياة منقضية، ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون، فإن للثبات على الحق أسبابا وللضلال عنه أبوابا، فاطلبوا أسباب الثبات عليه واحذروا وفروا من أبواب الضلال عنه فإنه من يتحرى الخير يلقه، ومن يتوقى الشر يوقه، ومن لا يتحرى ولا يتوقى فإنه من الأخسرين الهالكين شرعا، وإن من أسباب الثبات على الدين الحق أن يعترف المرء بمنة الله عليه ويغتبط بالهداية له وفيه، ومن أسباب الثبات على الدين الحق، الاستقامة على ما علم منه بالعمل به بالتقرب إلى الله تعالى، بأداء ما افترض الله عليه، والبعد عما نهاه الله عنه وترك الركون إلى الظالمين والفاسقين وترك ما اشتبه عليه حكمه والاستكثار من النوافل، والتوبة إلى الله تعالى من الخطيئة.
وإتباع السيئات بالحسنات، وإن من أعظم أسباب الثبات على الدين الحق الإلحاح على الله تعالى بالدعاء مع الضراعة طلبا للثبات عليه والعصمة من الزيغ عنه والبراءة من الحول والقوة إلا بالله تعالى، ويقول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” ربي زدني علما ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب” وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم أن يقول ” اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك ” وقال صلى الله عليه وسلم ” ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة” ومن أعظم أسباب الثبات على الحق دعوة الناس إليه وثبتهم عليه فإنه جهاد، والمجاهد لله وبه مثبت ومهدي ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله، ومن دعى إلى الهدى كان له مثل أجور من تبعه.
وقال صلى الله عليه وسلم ” فو الله لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم” وإن من موجبات الثبات على الحق والهدى مجالسة أهل الإيمان والتقوى وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم ” لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي” وفيه أيضا يقول صلى الله عليه وسلم ” هم القوم لا يشقى بهم جليسهم” وذلك لأنهم يدلون على الهدى ويزجرون عن الردى، ويعينون على التقوى.