الدكروري يكتب عن أعظم من جميع نعم الله عز وجل

بقلم/ محمـــد الدكـــروري
اليوم الثلاثاء الموافق 30 يناير 2024

 

الحمد لله الذي زين قلوب أوليائه بأنوار الوفاق، وسقى أسرار أحبائه شرابا لذيذ المذاق، وألزم قلوب الخائفين الوجَل والإشفاق، فلا يعلم الإنسان في أي الدواوين كتب ولا في أي الفريقين يساق، فإن سامح فبفضله، وإن عاقب فبعدله، ولا اعتراض على الملك الخلاق، اعلم أنه إذا نظرت للحياة بروح مبتسمة حتما ستجدها مثيرة للاهتمام، وتصبح الحياة ذات معنى حينما نجد شيئا نكافح من أجله ونسعى بشغف للوصول إليه، فلا تمضوا في طريق اليأس، ففي الكون آمال، ولا تتجهوا نحو الظلمات، ففي الكون شموس، ولا تجادل بليغا ولا سفيها، فالبليغ يغلبك، والسفيه يؤذيك، ولقد كان المسلمون يتفاءلون في معاركهم حتى بالشعارات، فكان شعار النبي صلي الله عليه وسلم في الغزو “أمِت أمِت” وفي بعض المعارك كان شعارهم “يا منصور أمِت أمِت”

إقرأ أيضاً :

الدكروري يكتب عن مهمتان رئيسيتان في حياة الانسان

 

ومعني “يا منصور” قيل إنهم يريد يا ناصر أمِت يعني أمت العدو وأنه دعاء له، وقيل إنه يا منصور لجنود المسلمين تفاؤلا بالنصر، فكأنهم يقولون لجنود المسلمين، للجندي يا منصور اذهب وأقدم وأمِت أمِت واقتل في الكفار، وكان شعار المسلمين في معركة الخندق “حم لا يُنصرون” رواه أبو داوود، وهذا تفاؤل بعدم انتصار الخصم، وهذه العملية استمرت في تاريخ المسلمين، فهذا هو نور الدين زنكي رحمه الله، مثلا وهو في حلب يخطط لفتح بيت المقدس، فمن التفاؤل عمل منبر في حلب، وجمع النجارين وجمع حذّاق الصنّاع، قال تعملوا لي منبرا نتفاءل أننا سنسير إلى بيت المقدس ونفتحه ونخطب على هذا المنبر إن شاء الله، فأمرهم بتحسينه وإتقانه وقال هذا قد عملناه لينصب ببيت المقدس، فعمله النجارون في بضع سنين لم يري في الإسلام مثله.

لكن ما أراد الله تعالي أن يستمر نور الدين في الحياة ليشهد ذلك الموقف فمات، ولكن من الذي قام بالأمر بعده؟ إنه صلاح الدين الأيوبي، وكتب الله على يدي صلاح الدين فتح بيت المقدس، فأمر بمنبر نور الدين، فأتي به من حلب ووضع ببيت المقدس، نسأل الله أن يعيد ذلك على الإسلام والمسلمين، وينقذ حلب من أيدي الباطنية، وبيت المقدس من أيدي اليهود، وكان بين عمل المنبر وحمله إلى بيت المقدس ما يزيد على عشرين سنة، ولعلها من حسن نية نور الدين رحمه الله، وروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يحل لمسلم أن يروع مسلما” رواه أبو داود.

ولأهمية الأمن أكرم الله به أولياءه في دار كرامته لأنه لو فُقد فقد النعيم، فقال رب العالمين ” ادخلوها بسلام آمنين” وقال تعالى ” يدعون فيها بكل فاكهة آمنين” ومما يدل على أهميته قول نبينا صلى الله عليه وسلم ” من أصبح منكم آمنا فى سربه، معافى فى جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا” رواه الترمذى، وإن نعمة الأمن أعظم من جميع نعم الله عز وجل وتقدم عليها، حيث ذكر الله عزوجل الأمن علي لسان خليل الله إبراهيم في القرآن الكريم أكثر من مرة فتارة يقدمه علي الرزق فيقول تعالي فى سورة البقرة ” وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر” وهذا هو الدعاء الأول, وقال ابن كثير “اجعل هذه البقعة بلدا أمنا، وناسب هذا لأنه قبل بناء الكعبة.

فبدأ بالأمن قبل الرزق لسببين، الأول وهو لأن استتباب الأمن سبب للرزق، فإذا شاع الأمن واستتب ضرب الناس في الأرض، وهذا مما يدر عليهم رزق ربهم ويفتح أبوابه، ولا يكون ذلك إذا فقد الأمن، والثاني ولأنه لا يطيب طعام ولا ينتفع بنعمة رزق إذا فقد الأمن، فمن من الناس أحاط به الخوف من كل مكان، وتبدد الأمن من حياته ثم وجد لذة بمشروب أو مطعوم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.