بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت كتب الفقه الإسلامي أن من أسس الإصلاح هو الإخوة الإنسانية، وهذا الشعور إنما ينبع من قوة الإيمان وسلامة القلب والعقل، وعراقة الأصل وصفاء الروح مع العلم الغزير بأصول العقيدة وقواعد الشريعة ومكارم الاخلاق والله عز وجل يحيي هذا الشعور بكلماته المعجزة، ويبعث فيه الروح كلما خبأ اثره أو خفت نوره حيث يقول الله تعالى فى سورة الحجرات ” إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون” كذلك فالمؤمن مطالب بالسعي الدؤوب للمساهمة في حل المشكلات وتذليل الصعوبات والاهتمام بأمر المسلمين والمبادرة في اعمال الخير والاصلاح، وتضييق هوة الخلاف بين المتنازعين وتوفير المناخ الملائم للتصافي النفسي والتآلف الاجتماعي.
وكذلك أيضا فإن من أسس الإصلاح هو قيم العفو والتسامح، فإن قيم الإسلام الأخلاقية من كظم الغيظ والعفو والتسامح والصفح الجميل، كلها قيم ضرورية لتحقيق الإصلاح بين الناس وإقامته على أصول قوية، لأن ذلك من شأنه أن يخفف من حدة الخصومة ويهيئ النفوس للتراضي والتصافي وجلب العواطف الإنسانية من كوامنها، واستدعاء نوازع الخير في نفوس المؤمنين وقد حضنا ديننا الحنيف على ذلك حيث قال الله تعالى فى سورة الشورى ” فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين” ولاشك ان النظام السياسي القائم على مشاركة أكبر شريحة من أبناء الوطن له دوره المباشر في تنمية الأمن الاجتماعي، فالنظام الذي يقوم على اختيار الأكثرية المطلقة من أبناء الشعب.
هو الذي يرى مصالح هذه الأكثرية ويوفر مستلزمات سعادتها ورقيها، وهذا النظام أقرب للاستقرار من بقية الانظمة لما يحظى من تأييد شعبي من قطاعات المجتمع، ولما هو موجود من تماسك بين الحكومة والشعب، فالحكومة تؤدي دورها الحافظ لكيان المجتمع، والمحامي المدافع عن حقوق أبناء الوطن، وهي في طريقها لتحقيق أهدافها تسعى جاهدة إلى التجاوب مع أماني الشعب وتطلعاته وتجسيد أهدافه في الحياة الكريمة وتوفير الحماية الكامله له ولعائلته، في الوقت نفسه يشعر الفرد المواطن أنه يعيش تحت ظل نظام يسهر على راحته ويحقق رغباته المشروعة ويمضي قدما في بناء الوطن على أسس رصينة منطلقا من منافع الشعب لا منافع طائفة أو حزب أو فئة.
وعلى هذه الأسس من العلاقة القوية بين الشعب والدولة يقوم نظام الحقوق والواجبات، فللشعب حقوق وواجبات، حقوقه أن يحظى بحماية الدولة ويتساوى أبنائه، وأن تتوفر له الحرية الكافية لينطلق في اداء واجباته، وهي مساهمة لبناء الوطن من خلال العمل الذي يقوم به سواء في الزراعة أو الصناعة أو الوظيفة، أو أي عمل آخر يقوم به، فيذهب إلى عمله بقلب مطمئن، ونفس راضية تحت غطاء من الحماية والأمن وهذا ما نلاحظه في الحكومات الديمقراطية التي تقوم على مبدأ المشاركة أما الحكومات الإستبدادية التي لايشعر فيها المواطن بأية قيمة إنسانية فلا وجود للآثار التي ذكرناها.