الدكروري يكتب عن أخلاق الجاهلية المستحبة


بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، أما بعد، فقد رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال “ثلاثة أخلاق كانت في الجاهلية مستحبة، والمسلمون أولى بها، أولها أن لو نزل بهم ضيف، لاجتهدوا في بره، والثاني أن لو كان منهم امرأة كبرت عنده لا يطلقها، ويمسكها مخافة أن تضيع، والثالث إذا لحق بجارهم دين، أو أصابه شدة أو جهد، اجتهدوا حتى يقضوا دينه، وأخرجوه من تلك الشدة” وكما فرض علينا الإسلام الإحترام المتبادل بين الناس، وكل إنسان مؤمن حري بالاحترام فلا يُقام من مجلسه ليجلس غيره.

وتجب ضيافته، وتشرع مشاورته، ويشكر على المعروف، وتؤدى إليه حقوقه غير متعتع، ونقابله بطلاقة الوجه، وندخل السرور إلى قلبه، وهكذا كل من يحترم نفسه، ويتوقع منه أن يحترم الآخرين، أما من كان في نفسه حقيرا، فلن يقابل الآخرين بالاحترام والإكرام، ألا خابت أمة وخسرت لا تتبادل خلق الاحترام والتوقير، في الأخلاق والعبادات والمعاملات، وفي جميع شؤون الحياة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يعد الرائد الأول والراعي الأعظم لحقوق الإنسان، ورسالته التي حملها للعالمين جميعا رسالة إنسانية، شملت برعايتها جميع الحقوق التي تتعلق بالإنسان كإنسان، بغض النظر عن ديانته أو جنسه، وقد تطرقت هذه الحقوق إلى جوانب دقيقه من حياة الإنسان.

لم يتطرق إليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولم يخطر على بال واضعي هذا الإعلان أن يتحدثوا عنها، أو يدرجوها تحت قائمه الحقوق التي تضمنها إعلانهم، فإن رسول الإنسانية الذي يقف لجنازة يهودي احتراما له كانسان، ويجعل من نفسه خصيما لكل من يؤذي ذميّا لجدير بأن يتربّع على عرش حقوق الإنسان، وأن يقف واضعو الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان صاغرين إمام عظمته وسموه وإنسانيته، ولعل ذلك ما جعل العالِم المسيحي مايكل هارت يضع الرسول صلى الله عليه وسلم على قمة عظماء الدنيا في كتابه “العظماء مائة أعظمهم محمد” صلى الله عليه وسلم ويقول عنه “إن محمدا هو الإنسان الوحيد الذي نجح نجاحا مطلقا على المستوى الديني والدنيوي”

وإن حقوق الإنسان التي قررها الإسلام منذ أربعة عشر قرنا وأكدها الرسول صلى الله عليه وسلم في سيرته وسنته ليست منحة من ملك أو حاكم، أو قرار صادر عن سلطه محلية أو منظمة دولية، وإنما هي حقوق ملزمة بحكم مصدرها الإلهي، لا تقبل الحذف ولا النسخ ولا التعطيل، ولا يسمح بالاعتداء عليها، ولا يجوز التنازل عنها، وفي ذلك يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في كتابه القيم “حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة “إن آخر ما أمّلت فيه الإنسانية من قواعد وضمانات لكرامة الجنس البشري كان من أبجديات الإسلام، وإن إعلان الأمم المتحدة عن حقوق الإنسان ترديد عادي للوصايا النبيلة التي تلقاها المسلمون عن الإنسان الكبير، والرسول الخاتم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.